في "صحيحه"(٢٣٣)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(١/ ١٦٥ و ١٦٧)، و (الطحاويّ) في "شرح معاني الآثار"(١/ ٥٤)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٨١٥ و ٨١٦ و ٨١٧ و ٨١٨)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٧٧١ و ٧٧٢ و ٧٧٣)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان حكم الجماع من غير أن يُنزل، وهو وجوب الوضوء، دون الغسل، لكن هذا كان في أول الإسلام، ثم نُسِخ، كما سيأتي تحقيقه في الباب التالي.
٢ - (ومنها): جواز الأخذ بالقرائن؛ لأن الصحابيّ - رضي الله عنه - لَمّا أبطأ عن الإجابة مُدّة الاغتسال، خالف المعهود منه، وهو سرعة الإجابة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأى عليه أثر الغسل، دَل على أنه كان مشغولًا بجماع.
٣ - (ومنها): أنه يستحب الدوام على الطهارة؛ لكون النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ ينكر على عتبان تأخير إجابته.
قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: وكأن ذلك كان قبل إيجابها؛ إذ الواجب لا يؤخر للمستحب. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: فيما قاله نظر؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أخّر ردّ السلام حتى توضّأ، فقد أخرج أبو داود بسند صحيح، عن المهاجر بن قُنفذ - رضي الله عنه -، أنه أتى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول، فسلَّم عليه، فلم يَرُدّ عليه، حتى توضأ، ثم اعتذر إليه، فقال:"إني كَرِهتُ أن أذكر الله - عَزَّ وَجَلَّ - إلَّا على طُهْر - أو قال: على طهارة - "، فقد أخّر ردّ السلام الواجب لأجل الوضوء المستحبّ، فتفطّن، والله تعالى أعلم.
٤ - (ومنها): أن هذا الحكم منسوخٌ، ولم يَبق من تمسّك به إلَّا ما رُوي عن هشام بن عروة، والأعمش، وسفيان بن عيينة، وداود الظاهريّ، وادَّعى القاضي عياض أنه لا يَعْلَم من قال به بعد خلاف الصحابة - رضي الله عنهم - إلَّا الأعمش، وداود.
وقال النوويّ: اعلم أن الأمة مجمعة الآن على وجوب الغسل بالجماع،