للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الغسل"، وروي أيضًا بهذا اللفظ، من حديث عائشة، أخرجه الشافعيّ من طريق سعيد بن المسيب، عنها، وفي إسناده عليّ بن زيد، وهو ضعيف، وابن ماجهْ من طريق القاسم بن محمد، عنها؛ ورجاله ثقات، ويأتي في رواية أبي موسى الأشعريّ، عنها بلفظ: "ومسّ الختانُ الختانَ"، والمراد بالمسّ، والالتقاء، المحاذاةُ، ويدلّ عليه رواية الترمذيّ بلفظ: "إذا جاوز"، وليس المراد بالمسّ حقيقته؛ لأنه لا يُتصوَّر عند غيبة الحشفة، ولو حَصَل المس قبل الإيلاج لم يَجب الغسل بالإجماع، قاله في "الفتح" (١).

وقيل: الجَهْد من أسماء النكاح، فمعنى "جهَدَها": جامعها، وإنما عدل إلى الكناية؛ للاجتناب عن التفوّه بما يَفْحُشُ ذكره صريحًا، قاله في "العمدة" (٢).

وقال القاضي عياض - رحمه الله -: قوله: "ثم جَهَدها": الأولى هنا أن يكون "جَهَد": أي بلغ جَهْده في عمله فيها، والجَهْد: الطاقة، والاجتهاد منه، وهي إشارة إلى الحركة، وتمكّن صورة العمل، وهو نحوٌ من قول من قال: حَفَزَها: أي كَدّها بحركته، وإلا فأيّ مشقّة تبلغ بها في ذلك؟ وقال ابن الأنباريّ: جهدت الرجل: إذا حملته على أن يبلغ مجهوده، وهو أقصى قوّته، فلعلّه أيضًا من هذا؛ أي طلب منها مثل ما فعل، وهو بمعنى قوله أيضًا في الآخر: "إذا خالط"، وهو كناية عن مبالغة الجماع، ومغيب الحشفة، واختلاط العضوين، والْخِلاط الجماعُ، قاله الحربيّ؛ وخالطها: جامعها، وقال الخطّابيّ: الجهد من أسماء النكاح، والختانان هما ختان الرجل، وختان المرأة، ولا يكاد يتماسّان غالبًا إلا بعد مغيب الحشفة، فكنى النبيّ - صلي الله عليه وسلم - بالتقائهما عما وراءهما من الإيلاج. انتهى (٣).

وقوله: (فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ") جواب "إذا"، و"أل" في "الغسل" للعهد الذهنيّ، وقوله: (وَفي حَدِيثِ مَطَرٍ: "وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ") يعني أن مطرًا زاد على قتادة قوله: "وإن لم يُنزل"، وهو بضمّ حرف المضارعة، من الإنزال رباعيًّا، وحُذف مفعوله؛ لعلمه؛ أي وإن لم يُنزل المنيّ.


(١) ١/ ٤٧٠ - ٤٧١.
(٢) "عمدة القاري" ٣/ ٣٦٦.
(٣) "إكمال المعلم" ٢/ ١٩٨.