للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جمعت منها ما تيسّر من ذلك في أوراق مفردة، ولله الحمد. انتهى (١).

٦ - (ومنها): أن نفس الإيلاج موجب للغسل، وإن لم يحصل إنزال، قال ابن الملقّن - رحمه الله -: إن إيجاب الغسل لا يتوقّف على إنزال المنيّ، بل متى غابت الحشفة في الفرج وجب الغسل على الرجل والمرأة، ولهذا جاء في الرواية الأخرى: "وإن لم يُنزل"، فيكون قوله: "إذا جلس" خرج مخرج الغالب، لا أن الجلوس بين شُعبها وجهدها شرط لوجوب الغسل، وهذا لا خلاف فيه اليوم، وقد كان فيه خلاف لبعض الصحابة؛ كعثمان، وأُبيّ، ومن بعدهم؛ كالأعمش، وداود، ثم انعقد الإجماع على ما ذكرنا.

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "ثم انعقد الإجماع … " إلخ فيه نظرٌ لا يخفى؛ إذ الخلاف لا زال قائمًا على ما ستعرفه في المسألة التالية - إن شاء الله تعالى -.

وقال الشيخ ابن دقيق العيد - رحمه الله -: خالف بعض الظاهريّة داودَ، ووافق الجماعة، ومستند داود: "إنما الماء من الماء"، وقد جاء في الحديث: "إنما الماء من الماء" كان رخصة في أول الإسلام، ثم نُسخ، رواه الترمذيّ، وصححه (٢)، فزال ما استندوا إليه.

وقال النوويّ - رحمه الله - بعد ذكر نحو ما تقدّم -: قال أصحابنا: ولو غَيَّب الحشفة وجب الغسل، سواء كان المولَج فيه حيًّا أو ميتًا صغيرًا أو كبيرًا، وسواء كان ذلك عن قصد، أم عن نسيان، وسواء كان مختارًا، أو مكرَهًا، أو استدخَلَت المرأة ذكره، وهو نائم، وسواء انتشَرَ الذكر أم لا، وسواء كان مختونًا، أم أغلف، فيجب الغسل في كل هذه الصور على الفاعل والمفعول به، إلا إذا كان الفاعل أو المفعول به صبيًّا أو صبيًّة، فإنه لا يقال: وجب عليه لأنه ليس مكلفًا، ولكن يقال: صار جُنُبًا، فإن كان مميزًا وجب على الوليّ أن يأمره بالغسل، كما يأمره بالوضوء، فإن صلّى من غير غسل لم تصح صلاته، وإن لم يغتسل حتى بَلَغ وجب عليه الغسل، وإن اغتسل في الصبا، ثم بلغ لم يلزمه إعادة الغسل.


(١) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ٢/ ٩٢.
(٢) الترمذيّ (١/ ١٨٥)، وابن حبّان رقم (١١٧٠ و ١١٧٦)، وابن خزيمة (١/ ١١٢).