للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وضوئه ذلك (إِنَّمَا أتوَضَّأُ مِنْ أثوَارِ أَقِطٍ) أي قِطَع من أَقِط، فـ "الأثوار" بفتح الهمزة، وسكون الثاء المثلّثة: جمع ثَوْر - بفتح، فسكون -: وهو القطعة العظيمة من الأَقِط، ويُجمع أيضًا على ثِوَرة - بكسر، ففتح -. أفاده في "القاموس" (١).

و"الأَقِط" مثلّثةً، ويُحرَّك، وكَكَتِفٍ، ورَجُلٍ، وإبلٍ: شيءٌ يُتَّخذ من الْمَخِيض الْغَنَميّ، جمعه: أَقْطانٌ، أفاده في "القاموس" أيضًا (٢). و"الْمَخِيض" فَعِيلٌ بمعنى مفعول: هو اللبن الذي استُخرج زُبْده بوضع الماء فيه وتحريكه، أفاده في "المصباح" (٣). (أَكَلْتُهَا) جملة في محلّ جرّ صفة لـ "أثوار"، أو حال منه؛ لتخصصه بالإضافة، ثم ذكر أبو هريرة - رضي الله عنه - الدليل الذي استنده في عمله هذا بقوله: (لِأنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلي الله عليه وسلم - يَقُولُ: "تَوَضَّؤُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ") أي من أكل ما غيّرته، وأنضجته النار، كما سبق بيانه في الحديث الماضي.

وبهذا تبيّن أن أبا هريرة - رضي الله عنه - ممن يرى وجوب الوضوء مما مسّت النار، وهو مذهب طائفة، كما سيأتي تمام البحث فيه في الباب التالي - إن شاء الله تعالى -.

ويُستفاد منه كون الوضوء مما مسّت النار غير معروف عندهم، ولولا ذلك لَمَا احتاج أبو هريرة - رضي الله عنه - إلى بيان سبب وضوئه، وفيه أنه يُستحبّ للعالم أن يُبيّن سبب فعله للناس، إذا كان مظِنّة إنكار الناس له، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا في "الحيض" [٢٢/ ٧٩٤] (٣٥٢)، و (الترمذيّ) في "الطهارة" (٧٩)، و (النسائيّ) في "الطهارة" (١/ ١٠٥ و ١٠٦)، و (ابن ماجه) في "الطهارة" (٤٨٥)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه" (٦٦٧ و ٦٦٨)، و (أبو داود


(١) "القاموس المحيط" ١/ ٣٨٣.
(٢) "القاموس المحيط" ٢/ ٣٤٩.
(٣) "المصباح المنير" / ٥٦٥.