وقال ابن بطّال عن المهلّب: فيه بيان علّة الأمر بالوضوء مما مسّت النار، وذلك لأنهم كانوا أَلِفُوا في الجاهليّة قلّة التنظيف، فأُمروا بالوضوء مما مسّت النار، فلمّا تقرّرت النظافة في الإسلام، وشاعت نُسِخ.
وتعقّبه الحافظ، فقال: ولا تعلّق له بما ذُكر، وإنما فيه بيان العلّة للمضمضمة من اللبن، فيدلّ على استحبابها من كلّ شيء دَسِمٍ، ويُستنبط منه استحباب غسل اليدين للتنظيف. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا في "الحيض"[٢٣/ ٨٠٤](٣٥٨)، و (البخاريّ) في "الوضوء"(٢١١)، و"الأشربة"(٥٦٠٩)، و (أبو داود) في "الطهارة"(١٩٦)، و (الترمذيّ) في "الطهارة"(٨٩)، و (النسائيّ) في "الطهارة"(١/ ١٠٩)، و (ابن ماجه) في "الطهارة"(٤٩٨)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(١١٥٨ و ١١٥٩)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٧٥٦ و ٧٥٧ و ٧٥٨)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٧٩٠ و ٧٩١)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): استحباب المضمضة من شرب اللبن.
٢ - (ومنها): استحباب تنظيف الفم من الأطعمة والأشربة التي فيها دَسَمٌ وأَثَرٌ يبقى بعد أكلها وشربها.
٣ - (ومنها): استحباب النظافة من كلّ شيء له أثر يبقى على الإنسان؛ لأن النظافة من الدين، قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}[البقرة: ٢٢٢]، وأما الحديث الذي أخرجه الترمذيّ في "جامعه"، مرفوعًا: "إن الله طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جواد