للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وذلك متوقّف على نجاسة أبوال الإبل وأزبالها، والحقّ طهارة أبوال مأكول اللحم وأزباله، ولو سلّمنا النجاسة فيه لم يصحّ جعلها علّةً؛ لأن العلّة لو كانت النجاسة لما افترق الحال بين أعطانها وبين مرابض الغنم؛ إذ لا قائل بالفرق.

وقيل: علّة النهي ما فيها من النفور، وبهذا علّل أصحاب مالك والشافعيّ، وعلى هذا فيفرّق بين كون الإبل في مباركها وبين غَيبتها.

وفيه أن النهي عن الصلاة فيها مطلقٌ، سواءٌ كانت الإبل فيها، أو لم تكن.

وقيل: علّة النهي أن يُجاء بها إلى مباركها بعد شروعه في الصلاة فيقطعها، أو يستمرّ فيها مع شغل خاطره، وفيه أيضًا ما تقدّم.

وقيل: لأن الراعي يبول بينها، وفيه أن هذا ظن وتخمين لم يقُم عليه دليلٌ، فلا يُلتَفَت إليه.

وقيل: علّة النهي شدّة نتنها.

وقيل: الحكمة في النهي كونها خُلقت من الشياطين، ويدلّ عليه حديث عبد الله بن مغفّل - رضي الله عنه - عند أحمد، والنسائيّ، وحديث البراء عند أبي داود، وحديث أبي هريرة عند ابن ماجه.

قال الإمام الشوكانيّ - بعد بيان اختلافهم في تعليل النهي بنحو ما ذكرنا -: إذا عَرَفت هذا الاختلاف في العلّة تبيّن لك أن الحقّ الوقوف على مقتضى النهي، وهو التحريم، كما ذهب إليه أحمد والظاهريّة. انتهى.

ولا يُعارضه حديث الصلاة إلى الراحلة بجعلها سُترةً في الصلاة؛ لأن ذلك كان في السفر حالة الضرورة، ولأن النهي مقصور على مواضع بروكها وعَطَنها، وفرقٌ بين الصلاة في العَطَن، وبين جعلها سُترةً في الصلاة في حال شَدّ الرحل عليها. انتهى كلام صاحب "المرعاة" رحمه اللهُ، وهو تحقيقٌ نفيسٌ.

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق من ذكر الأقوال، وأدلّتها أن أرجحها هو القول بتحريم الصلاة في مبارك الإبل؛ عملًا بظاهر النصّ الصحيح الخالي عن المعارض؛ فتبصر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.