قال مهنّا: قال أبو عبيد الله: عاصم الأحول يُخطئ في هذا الحديث، يقول: علي بن طلق، وإنما هو طلق بن عليّ، وأبى ذلك البخاريّ، فقال فيما ذكره أبو عيسى عنه في "العلل"، وذكر حديث علي بن طلق هذا، بلفظ: جاء أعرابي إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إنا نكون بالبادية، فيكون من أحدنا الرُّوَيحة؟ فقال:"إن الله تعالى لا يستحي من الحقّ، إذا فَسَا أحدكم، فليتوضأ"، فقال: لا أعرف لعليّ بن طلق، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - غير هذا الحديث، وهو عندي غير طلق بن عليّ، ولا يُعرَف هذا من حديث طلق بن علي.
ولما ذكره الترمذي في "الجامع" من حديث علي بن طلق حَسَّنه، وذكره ابن حبان في "صحيحه" بلفظ: "إذا فَسَا أحدكم في الصلاة، فلينصرف، ثم ليتوضأ، ولْيُعِد صلاته"، ثم قال: لم يقل أحد: "ولْيُعِد صلاته" إلا جرير بن عبد الحميد، وقال أبو عبيد في "كتاب الطهور" إنما هو عندنا عليّ بن طلق؛ لأنه حديثه المعروف، وكان رجلًا من بني حنيفة، وأحسبه والد طلق بن عليّ الذي سأل عن مسّ الذكر.
وممن ذكره في مسند عليّ بن طلق أحمد بن منيع في "مسنده"، والنسائيّ، والكجيّ في "سننيهما"، وأبو الحسين بن قانع في آخرين.
[تنبيه]: (اعلم): أن حقيقة المعنى في قوله: "حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا": حتى يَعْلَم وجود أحدهما، ولا يشترط السماع والشم بالإجماع، فإن الأصمّ لا يسمع صوتًا، والأخشم الذي راحت حاسّة شَمّه لا يشُمّ أصلًا.
وقال الخطابيّ رحمه الله: لم يُرِد بذكر هذين النوعين من الحدث تخصيصهما، وقَصْرَ الحكم عليهما، حتى لا يُحدِث بغيرهما، وإنما هو جوابٌ خَرَجَ على حرف المسألة التي سأل عنها السائل، وقد دخل في معناه كلُّ ما يَخرج من السبيلين، وقد تخرج منه الريح، ولا يسمع لها صوتًا، ولا يجد لها ريحًا، فيكون عليه استئناف الوضوء، إذا تَيَقَّن ذلك، وقد يكون بأذنه وَقْرٌ، فلا يسمع الصوت، أو يكون أخشم، فلا يجد الريح، والمعنى إذا كان أوسع من الاسم، كان الحكم للمعنى، وهذا كما رُوي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا استَهَلَّ الصبيّ وَرِثَ، وصُلِّي عليه"(١)،