وقال ابن الملقّن رحمه اللهُ:"الشيء" المشار إليه هو الحركة التي يظُنّ بها أنها حدَثٌ، وليس كذلك، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "حتى يسمع صوتًا أو يَجِد ريحًا"، ومعناه: يعلم وجود أحدهما يقينًا، ولا يُشترط اجتماع السماع والشمّ بالإجماع.
قال الإسماعيليّ رحمه اللهُ: هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيمن شك في خروج ريح منه، لا نفي الوضوء إلا من سماع صوت، أو وجدان ريح.
وفي "صحيحي ابن خزيمة وابن حبّان"، و"مستدرك الحاكم" من حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - مرفوعًا:"إذا جاء أحدكم الشيطان، فقال: إنك أحدثتَ، فليقل: كذبتَ، إلا ما وجد ريحًا بأنفه، أو سمع صوتًا بأذنه".
وفي "مسند أحمد" من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - أيضًا:"إن الشيطان ليأتي أحدكم، وهو في صلاته، فيأخذ شَعْرة من دبره، فيَمُدُّها، فيرى أنه أحدث، فلا ينصرف حتى يسمع صوتًا"، وفي إسناده عليّ بن زيد بن جُدْعان، ضعيف.
وقال ابن خزيمة: قوله: "فليقل: كذبت" أراد: فليقل: "كذبت" بضميره، لا ينطق بلسانه؛ إذ المصلي غير جائز له أن يقول: كذبت، نطقًا.
قال في "العمدة": ويؤيد ما قاله ما رواه ابن حبان في "صحيحه" من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - أيضًا مرفوعًا:"إذا جاء أحدكم الشيطان، فقال: إنك قد أحدثت، فليقل في نفسه: كذبت".
وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الآتي بعد هذا:"إذا وجد أحدكم في بطنه شيئًا، فأشكل عليه، أخرج منه شيء أم لا؟ فلا يخرجنّ من المسجد"، وفي رواية الترمذيّ:"فوجد ريحًا بين أَلْيَتَيْه".
وفي "علل ابن أبي حاتم": "فوجد ريحًا من نفسه"، وفي "كتاب الطهور" لأبي عبيد القاسم بن سلّام: "يجد الشيءَ في مقعدته، قال: لا يتوضأ إلا أن يجد ريحًا يعرفها، أو صوتًا يسمعه".
وروى ابن ماجه بسند فيه ضعف، عن محمد بن عمرو بن عطاء، قال: رأيت السائب بن يزيد، يَشُمّ ثوبه، فقلت: مِمّ ذلك؟ قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"لا وضوء إلا من ريح، أو سماع".
ورَوَى أبو داود من حديث علي بن طلق، يرفعه:"إذا فَسَا أحدكم فليتوضأ".