للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحمار، قال الجوهريّ: وقولهم: أكذب مَنْ دَبّ ودَرَج: أي أكذب الأحياء والأموات (١).

(ثُمَّ أتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ) أي تيمّمه للجنابة بالتمرّغ، زاد في رواية النسائيّ: "فضحك"، وإنما ضحك تعجّبًا من فعله ذلك (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - معلّمًا له كيفيّة التيمّم المشروع في الجنابة ("إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ) بفتح أوله: أي يجزيك عن التمرّغ (أَنْ تَقُولَ بِيَدَيْكَ هَكَذَا") فيه إطلاق القول على الفعل مجازًا، وقد تقدّم غير مرّة.

قال الحافظ رحمه اللهُ: فيه دليلٌ على أن الواجب في التيمّم هي الصفة المشروحة في هذا الحديث، والزيادة على ذلك لو ثبت بالأمر دلّ على النسخ، ولزم قبولها، لكن إنما وردت بالفعل، فتُحمل على الأكمل، وهذا هو الأظهر من حيث الدليل. انتهى.

وقال القرطبيّ رحمه اللهُ: خاطبه بـ "إنما" ليحصر له القدر الواجب، وهو أن يضرب الأرض بيديه، ثم يمسح وجهه، ثم يضرب ضربة أخرى فيمسح كفّيه، ولم يُختَلَف أن الوجه كلّه لا بدّ من استيعابه، واختَلَفوا هل الواجب أن يبلغ إلى المرفقين، أم يقتصر على الكوعين؟ وإنما يُستحبّ الإيصال إلى المرفقين، فإن اقتصر على الكوعين أجزأه، وهذا مذهب ابن القاسم. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قول الحافظ: "فتُحمل على الأكمل" فيه نظر، وكذا قول القرطبيّ: "ثم يضرب ضربة أخرى … إلخ"، فيه نظر أيضًا، فمن أين له تكرار الضرب؟ فإن الثابت في الحديث الصحيح في كيفيّة التيمّم ضربة واحدة للوجه والكفين، فما زاد على هذا فليس عليه دليلٌ يصحّ الاعتماد عليه، فلا ينبغي القول باستحبابه، وسيأتي تحقيق القول فيه قريبًا - إن شاء الله تعالى -.

(ثُمَّ) بيّن المعنى المراد بالقول المشار إليه بقوله: (ضَرَبَ بِيَدَيْهِ) وفي رواية النسائيّ: "بكفّيه" (الْأَرْضَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً) زاد في رواية: "ثم نفخ فيهما"، وفي رواية: "ثم أدناهما من فيه"، وهو كناية عن النفخ، وفيهما إشارة إلى أنه


(١) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ١/ ١٣٥ - ١٣٦.
(٢) "المفهم" ١/ ٦١٥.