للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أرجح؛ لأن فيها زيادة تدلّ على ضبط ذلك، وهي قوله: فَدَعنا من قول عمّار، كيف تصنع بهذه الآية؟. انتهى (١). (قَوْلَ عَمَّار) بالنصب على المفعوليّة لـ "تسمع" (بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) يقال: بعثه، وابتعثه بمعنى أرسله، فابتعث، وهو من المطاوع، ومنه بعثت الناقة: أثرتها، وبعثه من منامه: أي أنبهه، وبعث الله الموتى: أي نشرهم ليوم البعث، وانبعث في السير: أي أسرع فيه (فِي حَاجَةٍ) هي رعاية الإبل، ففي رواية النسائيّ من طريق عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه: "أتذكر يا أمير المؤمنين، حيث كنت بمكان كذا وكذا، ونحن نرعى الإبل، فتعلم أنا أجنبنا"، وفي رواية المصنّف التالية: "أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت في سريّة، فأجنبنا"، وفي رواية أحمد في "مسنده" من طريق يعلى بن عبيد، عن الأعمش: "بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا وأنت فأجنبتُ" (فَأَجْنَبْتُ، فَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ) وفي رواية ابن أبي أبزى الآتية: "فلم نجد الماء، فأما أنت فلم تصلّ، وأما أنا فتمعّكت في التراب" (فَتَمَرَّغْتُ) أي تقلّبتُ، قال ابن الملقّن: التمرّغ في الشيء: التمعّك فيه، ويقال للموضع المتمرَّغ فيه: متمرَّغٌ، ومَرَاغ، ومَرَاغة. انتهى. (فِي الصَّعِيدِ) أي في التراب، كما في الرواية الأخرى (كَمَا تَمَرَّغُ) بحذف إحدى التاءين؛ تخفيفًا، كما في قوله تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ}

[القدر: ٤]، قال في "الخلاصة":

وَمَا بِتَاءَيْنِ ابْتُدِي قَدْ يُقْتَصَرْ فِيهِ … عَلَى تَا كَـ "تَبَيَّنُ الْعِبَرْ"

أي تتمرّغ الدابّة، أي تتقلّب.

وفيه دليلٌ على أنْ عمّارًا - رضي الله عنه - كان عنده علم بأصل التيمّم، وإنما لا يعلم كيفيّته، وكأن عمّارًا - رضي الله عنه - استعمل القياس في هذه المسألة؛ لأنه لَمّا رأى أن التيمّم إذا وقع بدل الوضوء وقع على هيئة الوضوء، رأى أن التيمّم عن الغسل يقع على هيئة الغسل (٢).

(الدَّابَّةُ) في الأصل كلُّ ماش على وجه الأرض، وقد أخرجها العرف عن هذا الأصل، فاستعملها أهل العراق في الفَرس خاصّةً، وأهل مصر في


(١) "الفتح" ١/ ٥٤٤.
(٢) "الفتح" ١/ ٥٢٩.