للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى ما في هذه الحكاية من النكارة، والظاهر أنها من الإسرائيليّات، ولا يثبت عن عليّ - رضي الله عنه - ولا عن غيره، وإنما نقلته للتنبيه عليه، والذي صحّ لدينا مما في "الصحيحين" وغيرهما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة، نَزَع الولدَ، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت الولد"، لفظ البخاريّ، وفي لفظ لمسلم: "إذا علا ماؤها ماء الرجل، أشبه الولد أخواله، وإذا علا ماء الرجل ماءها أشبه أعمامه"، ونحو ذلك، لا كما ذكره الترمذيّ الحكيم بسياقه الغريب، فلا تغترّ به، والله تعالى الهادي سواءَ السبيل.

(فَانْسَلَّ) أي ذهب عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في خُفْية، قال في "اللسان": الانسلال: الْمُضيّ، والخروج من مَضِيق، أو زِحَامٍ، وانسَلَّ، وتسلَّل: انطلق في استخفاء، ويقال: انْسَل فلانٌ من بين القوم يَعْدُو: إذا خرج في خُفْيةٍ يَعْدُو. انتهى باختصار وتصرّف (١).

ووقع عند البخاريّ: "فانخنست منه"، والانخناس: الانقباض والرجوع، وما قارب ذلك المعنى.

يقال: خَنَسَ يُستعمل لازمًا ومتعدّيًا، ومن الأول: "إذا ذَكَر الله خَنَسَ، وإذا غَفَلَ وسوس" (٢)، ومن الثاني: "وخَنَسَ إبهامه" (٣)، أي قبضها.

وقيل: إنه يقال: أخنسه في المتعدّي، حكاه صاحب "مجمع البحرين" (٤).

وقد رويت هذه اللفظة: "فانبجست منه" بالجيم، من الانبجاس، وهو


(١) "لسان العرب" ١١/ ٣٣٨ - ٣٣٩.
(٢) رواه أبو يعلى في "مسنده" ٧/ ٢٧٩، وأبو نعيم في "الحلية" ٦/ ٢٦٨، والبيهقيّ في "الشعب" ٢/ ٤٣٦، وضعّفه الحافظ في "الفتح" ٨/ ٧٤٢، والهيثميّ في "المجمع" ٧/ ١٤٩، والألباني في "الضعيفة" رقم (٣٦٧).
(٣) طرف من حديث ابن عمر مرفوعًا: "إن الشهر هكذا وهكذا، وخنس الإبهام في الثالثة"، متّفق عليه.
(٤) هو الحسن بن محمد بن حيدر العدويّ العمريّ الصاغانيّ الحنفيّ المتوفّى سنة (٦٥٠ هـ).