للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلى أبيه، وقال أبو الربيع: "حدّثنا حماد"، فعبّر بـ "حدّثنا"؛ لكونه سمعه من لفظه، وأيضًا لم ينسب حمادًا إلى أبيه، والله تعالى أعلم.

٤ - (ومنها): أن فيه ابن عبّاس - رضي الله عنهما - أحد العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة، روى (١٦٩٦) حديثًا، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحُويرِثِ) وفي الرواية الآتية: "أنه سمعه من سعيد بن الحويرث" (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) - رضي الله عنهما -، وفي الرواية التالية: "سمعت ابن عبّاس" (أَن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ مِنَ الْخلَاءِ) بالفتح، والمدّ، كالفضاء وزنًا ومعنًى، والخلاء أيضًا: الْمُتَوَضّأ (١)، ويقال: الخلاء في الأصل: الموضع الخالي، وسُمّي به موضع قضاء الحاجة؛ لأنهم كانوا يقصدون الموضع الخالي للحاجة، وخروجه - صلى الله عليه وسلم - من الخلاء مشعرٌ بأنه كان موضعًا مهيّأ لذلك، بحيث يدخل إليه صاحب الحاجة، ويخرج منه (فَأُتيَ بِطَعَامٍ) ببناء الفعل للمفعول، والتعبير بالفاء للإشارة إلى الترتيب والتعقيب، وعدم الفصل بين الخروج من الخلاء، والإتيان بالطعام بوضوء، وفي رواية أبي عوانة: "خرج من الخلاء، فأتي بعَرْقٍ، فأكل منه، ولم يتوضّأ" (فَذَكَرُوا لَهُ الْوُضُوءَ) وفي نسخة: "فذُكر له الوضوء" بالبناء للمفعول، وهو معطوف على محذوف؛ أي فأقبل على الطعام، فظنّوا أنه نسي أن يتوضّأ قبل أن يأكل، فذكروه له فقالوا: "يا رسول الله ألا تتوضّأ؟ "، وفي رواية: "إنك لم تَوَضّأ" (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("أُرِيدُ أَنْ أُصَلِّيَ) الكلام على الاستفهام، والأصل: أأريد أن أُصلّي (فَأتوَضَّأَ؟ ") والاستفهام للإنكار، بمعنى النفي؛ أي لا أريد أن أُصلّي، حتى أتوضّأ (٢).

وقال النوويّ - رحمه الله -: معناه: الوضوء يكون لمن أراد الصلاة، وأنا لا أريد أن أصلي، الآن، والمراد بالوضوء الوضوء الشرعيّ، وحمله القاضي عياض على الوضوء اللغويّ، وجعل المراد غسل الكفين، وحَكَى اختلاف


(١) "المصباح" ١/ ١٨١.
(٢) راجع: "فتح المنعم" ٢/ ٤١٩.