للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَنَسٍ) - رضي الله عنه - أنه (قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ) أي صلاة العشاء، كما بيّنته رواية ثابت الآتية (وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَجِيٌّ لِرَجُلٍ) جملة اسميّة في محلّ نصب على الحال من "الصلاة"، والرابط الواو.

و"النّجِيّ": فعيلٌ بمعنى فاعل، وهو المناجي، ومعناه: مُسارٌّ له، والمناجاة: التحديث سرًّا، ويستوي فيه الواحد وغيره، فيقال: رجلٌ نَجِيٌّ، ورجلان نَجِيّ ورجال نَجِيّ، بلفظ واحد، قال الله تعالى: {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم: ٥٢]، وقال تعالى: {خَلَصُوا نَجِيًّا} [يوسف: ٨٠] (١).

قال في "الفتح": ولم أقف على اسم هذا الرجل، وذكر بعض الشرّاح أنه كان كبيرًا في قومه، فأراد أن يتألّفه على الإسلام، ولم أقف على مستند ذلك، قيل: وَيحْتَمِل أن يكون مَلَكًا من الملائكة جاء بوحي من الله عز وجل، ولا يخفى بُعْدُ هذا الاحتمال. انتهى (٢).

(وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ) جارّ ومجرور خبر مقدّم لقوله: "ونبيُّ الله … إلخ"؛ لقصد لفظه، فهو مبتدأ محكيّ (وَنَبِيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُنَاجِي الرَّجُلَ) هكذا معظم النسخ بالتعريف، فاللام للعهد الحضوريّ؛ أي الرجل الحاضر في ذلك الوقت، ووقع في بعض النسخ: "يناجي رجلًا"، وهو الذي في "صحيح البخاريّ"، وزاد: "في جانب المسجد".

(فَمَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ) هذا ظاهر في كونه - صلى الله عليه وسلم - جلس مع الرجل للمناجاة (حَتَّى نَامَ الْقَوْمُ) وفي رواية إسحاق بن راهويه في "مسنده" عن ابن عُليّة، عن عبد العزيز في هذا الحديث: "حتى نَعَسَ بعض القوم"، وكذا هو عند ابن حبّان من وجه آخر عن أنس - رضي الله عنه -، ولفظه: "أُقيمت الصلاة ذات يوم، فعَرَضَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ، فكلّمه في حاجة له هَوِيًّا من الليل، حتى نَعَس بعض القوم".


(١) راجع: "شرح النوويّ" ٤/ ٧٢ - ٧٣.
(٢) "الفتح" ٢/ ١٤٦.