للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال ابن منظور: والناقوس: مِضْرابُ النصارى الذي يضربونه لأوقات الصلاة، قال جرير [من البسيط]:

لَمَّا تَذَكَّرْتُ بِالدَّيْرَيْنِ أَرَّقَنِي … صَوْتُ الدَّجَاجِ وَقَرْعٌ بِالنَّوَاقِيسِ

وذلك أنه كان مُزْمِعًا سفرًا صبَاحًا، ويرْوَى: "وَنَقْسٌ بِالنَّوَاقِيسِ"، والنَّقْسُ: الضربُ بالناقوس، والنَّقْسُ: ضَرْبٌ من النواقيس، وهي الْخَشَبة الطويلةُ، والْوَبِيلةُ، والْوَبِيلُ: الخشبة القصيرة. انتهى.

(وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَرْنًا) أي بل اتّخِذوا قرنًا (مِثْلَ قَرْنِ الْيَهُودِ) أي قرنًا يُنفَخ فيه، فيَخرُج منه صوتٌ يكون علامةً لأوقات الصلاة، كما كانت اليهود تفعله، وهذا القرن هو المسمَّى بالبُوق بضم الموحّدة.

ووقع في رواية البخاريّ: وقال بعضهم: "بل بُوقًا مثل قرن اليهود": أي قال بعضهم: اتّخِذوا بُوقًا بضئم الباء الموحّدة، وبعد الواو الساكنة قافٌ، وهو الذي يُنفخ فيه، قال في "الفتح": الْبُوقُ والقَرْن: معروفان، والمراد أن يُنفَخ فيه، فيجتمعون عند سماع صوته، وهو من شعار اليهود، ويُسمَّى أيضًا الشابُور بالشين المعجمة المفتوحة، والموحّدة المضمومة. انتهى (١).

(فَقَالَ عُمَرُ) بن الخطّاب - رضي الله عنه - (أَوَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا) الهمزة للاستفهام، والواو عاطفة على مقدَّر؛ أي أتقولون بموافقة اليهود والنصارى، ولا تبعثون رجلًا؟ وقال الطيبيّ - رحمه الله -: الهمزة إنكار للجملة الأولى؛ أي المقدَّر، وتقريرٌ للجملة الثانية حثًّا وبَعْثًا (يُنَادِي بِالصَّلَاةِ؟) ببناء الفعل للفاعل، والجملة صفة لـ"رجلًا".

قال القاضي عياض - رحمه الله -: ظاهره أنه إعلام ليس على صفة الأذان الشرعيّ، بل إخبار بحضور وقتها، قال النوويّ: وهذا الذي قاله القاضي مُحْتَمِلٌ، أو متعينٌ، فقد صحّ في حديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه في سنن أبي داود، والترمذيّ، وغيرهما أنه رأى الأذان في المنام، فجاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخبره به، فجاء عمر - رضي الله عنه -، فقال: يا رسول الله والذي بعثك بالحقّ، لقد رأيت مثل الذي رأى … وذكر الحديث، فهذا ظاهره أنه كان في


(١) "الفتح" ٢/ ٩٦.