للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلى أن رأى عبد الله بن زيد النداء في المنام بغير أذان ولا إقامة. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[تنبيه]: وردت أحاديث تدلّ على أن الأذان شُرع بمكة قبل الهجرة، منها للطبراني من طريق سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: لما أُسري بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم - أوحى الله إليه الأذان، فنَزَل به، فعلَّمه بلالًا، وفي إسناده طلحة بن زيد، وهو متروك.

وللدارقطني في "الأطراف" من حديث أنس، أن جبريل أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالأذان حين فُرِضت الصلاة، وإسناده ضعيف أيضًا.

ولابن مردويه من حديث عائشة، مرفوعًا: "لما أُسري بي أَذَّن جبريل، فظنت الملائكة أنه يصلي بهم، فقدَّمني فصليت"، وفيه من لا يُعْرَف.

وللبزار وغيره من حديث عليّ قال: لما أراد الله أن يُعَلّم رسوله الأذان، أتاه جبريل بدابة يقال لها: البراق، فركبها … فذكر الحديث، وفيه: إذ خرج ملك من وراء الحجاب، فقال: الله أكبر الله أكبر، وفي آخره: ثم أخذ الملك بيده، فأمَّ بأهل السماء، وفي إسناده زياد بن المنذر أبو الجارود، وهو متروك أيضًا، ويمكن على تقدير الصحة أن يُحمَل على تعدد الإسراء، فيكون ذلك وقع بالمدينة.

وأما قول القرطبيّ: لا يلزم من كونه سمعه ليلة الإسراء أن يكون مشروعًا في حقه، ففيه نظر؛ لقوله في أوله: "لما أراد الله أن يعلم رسوله الأذان"، وكذا قول المحب الطبريّ: يُحْمَل الأذان ليلة الإسراء على المعنى اللغويّ، وهو الإعلام؛ ففيه نظر أيضًا؛ لتصريحه بكيفيته المشروعة فيه.

والحق أنه لا يصح شيء من هذه الأحاديث، وقد جزم ابن المنذر بأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بغير أذان منذ فُرضت الصلاة بمكة إلى أن هاجر إلى المدينة، وإلى أن وقع التشاور في ذلك على ما في حديث عبد الله بن عمر، ثم حديث عبد الله بن زيد. انتهى.

وقد حاول السهيليّ الجمع بينهما، فتكلّف وتعسَّف، والأخذ بما صَحّ


(١) "الأوسط" ٣/ ١١.