للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أعلم وأبيّن أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رسول الله، والرسول فَعُولٌ بمعنى مفعول، يقال: أرسلتُ رسولًا: إذا بعثته برسالة يؤدّيها، ويجوز استعماله بلفظ واحد للمذكّر والمؤنّث، والمثنَّى، والمجموع، ويجوز التثنية، والجمع، فيُجمَعُ على رُسُلٍ بضمّتين، وإسكان السين لغةٌ، أفاده الفيّوميّ (١).

وقال أبو بكر بن الأنباريُّ في قول المؤذّن: "أشهد أن محمدًا رسول الله": أي أعلم، وأبيِّنُ أن محمدًا متابعٌ للإخبار عن الله - عَزَّ وَجَلَّ -، والرسول معناه في اللغة: الذي يتابع أخبار الذي بعثه، أخذًا من قولهم: جاءت الإبل رَسَلًا: أي متتابعةً، وقال أبو إسحاق النحويّ في قوله - عَزَّ وَجَلَّ - حكايةً عن موسى وأخيه: {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ١٦]: معناه: إنا رِسالة ربّ العالمين؛ أي ذَوَا رسالة ربّ العالمين، وأنشد قول كُثَيِّر [من الطويل]:

لَقَدْ كَذَبَ الْوَاشُونَ مَا بُحْتُ عِنْدَهُمْ … بِسِرٍّ وَلَا أَرْسَلْتُهُمْ بِرَسُولِ

أراد: ولا أرسلتهم برسالة (٢).

وقال الجوهريّ: وأرسلتُ فلانًا، فهو مرسَلٌ، ورَسُولٌ، والجمع رُسْلٌ، ورُسُلٌ، والرسول أيضًا: الرسالة، قال [من الوافر]:

أَلَا أَبْلِغْ أَبَا عَمْرٍ ورَسُولًا … بأَنِّي عَنْ فُتَاحَتِكُمْ غَنِيُّ

وقوله تعالى: {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ١٦] ولم يَقُل: رُسُلُ ربّ العالمين؛ لأن فَعُولًا وفَعِيلًا يستوي فيهما المذكّر والمؤنّث والواحد والجمع، مثلُ: عَدُو وصَدِيقٍ. انتهى (٣).

[تنبيه]: قال ابن الأنباريّ: فُصَحَاءُ العرب، وأهل الحجاز ومن والاهم يقولون: أشهد أن محمدًا رسول الله، وجماعة من العرب يبدلون من الألف عينًا، فيقولون: أشهد عَنَّ. انتهى (٤).

(أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، ثُمَّ يَعُودُ) أي يرجع المؤذّن بهؤلاء الكلمات مزة أخرى رافعًا صوته، ويستفاد منه أن ما سبق كان بخفض الصوت، ويوضّح ذلك رواية أبي داود، فقد أخرجه بسند صحيح، عن محمد بن عبد الملك بن


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٢٦.
(٢) "لسان العرب" ١١/ ٢٨٤.
(٣) "الصحاح" ٤/ ١٣٩٨.
(٤) "عمدة القاري" ٥/ ١٥٩.