رسول الله عَلِّمني سنة الأذان، وفيه:"ثم تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، تَخْفِض بها صوتك، ثم ترفع صوتك بها"، فجعله من سنة الأذان، وهو كذلك في "صحيح ابن حبّان"، و"مسند أحمد". انتهى.
وكذلك ردّ هذه الأقوال الحافظ ابن حجر في "الدراية".
قال المباركفوريّ - رَحِمَهُ اللهُ -: ولردّ هذه الأقوال وجوهٌ أخرى:
(منها): أن فيها سوء الظن بأبي محذورة - رضي الله عنه -، ونسبة الخطأ إليه من غير دليل.
(ومنها): أن أبا محذورة - رضي الله عنه - كان مقيمًا بمكة مؤذِّنًا لأهلها إلى أن تُوُفِّي، وكانت وفاته سنة تسع وخمسين، وكلُّ مَن كان في هذه المدة بمكة من الصحابة، ومن التابعين كانوا يسمعون تأذينه بالترجيع، وكذلك يَسمَع كل مَن يَرِد مكة في مواسم الحج، وهي مَجْمَع المسلمين، فلو كان ترجيع أبي محذورة غير مشروع، وكان من خطئه لأنكروا عليه، ولم يُقِرُّوه على خطئه، ولكن لم يثبت إنكار أحد من الصحابة وغيرهم على أبي محذورة في ترجيعه في الأذان، فظهر بهذا بطلان تلك الأقوال، وثَبَت أن الترجيع من سنة الأذان، بل ثبت إجماع الصحابة على سنيته على طريق الحنفية فتفكر. قال: وقد بسطنا الكلام في هذه المسألة في كتابنا "أبكار المنن في نقد آثار السنن"(١).
واستُدِلّ من لم يقل بمشروعية الترجيع بما رواه مسلم عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مرفوعًا:"إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر، فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، ثم قال: حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله … " الحديث.
قيل: يستفاد من هذا الحديث أن الأذان ليس فيه الترجيع.
وتُعُقِّب بأنه يستفاد منه أيضًا أن الأذان ليس فيه تربيع التكبير، ولا تثنية باقي الكلمات، فما هو الجواب عنهما هو الجواب عن الترجيع.
واستُدِلّ أيضًا بحديث عبد الله بن زيد، قال ابن الجوزيّ في "التحقيق":