حديث عبد الله بن زيد هو أصل في التأذين، وليس فيه ترجيع، فدَلَّ على أن الترجيع غير مسنون. انتهى.
وقد عرفت جوابه في كلام النووي.
وقال الطحاوي في "شرح معاني الآثار": كَرِهَ قوم أن يقال في أذان الصبح: "الصلاة خير من النوم"، واحتَجُّوا في ذلك بحديث عبد الله بن زيد في الأذان، وخالفهم في ذلك آخرون، فاستحبوا أن يقال ذلك في التأذين للصبح بعد الفلاح، وكان الحجة لهم في ذلك أنه وإن لم يكن ذلك في حديث عبد الله بن زيد، فقد عَلَّمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا محذورة بعد ذلك، فلما عَلَّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك أبا محذورة، كان زيادةً على ما في حديث عبد الله بن زيد، ووجب استعمالها. انتهى كلام الطحاويّ.
قال المباركفوريّ - رَحِمَهُ اللهُ -: فكذلك يقال: إن الترجيع وإن لم يكن في حديث عبد الله بن زيد، فقد علّمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا محذورة بعد ذلك، فلما علّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك أبا محذورة كان زيادة على ما في حديث عبد الله بن زيد، فوجب استعماله.
وقال صاحب "بذل المجهود" تحت حديث أبي محذورة ما لفظه: وهذا الحديث يُحتَجُّ به على سنية الترجيع في الأذان، وبه قال الشافعيّ، ومالك؛ لأنه ثابت في حديث أبي محذورة، وهو حديث صحيح، أخرجه مسلم، مشتمل على زيادة غير منافية، فيجب قبولها، وهو أيضًا متأخر عن حديث عبد الله بن زيد؛ لأن حديث أبي محذورة سنة ثمان من الهجرة بعد حنين، وحديث عبد الله بن زيد في أول الأمر، ويرجّحه أيضًا عمل أهل مكة والمدينة. انتهى.
وقال صاحب "العرف الشذيّ" ما لفظه: واستمر الترجيع في مكة إلى عهد الشافعيّ، وكان السلف يشهدون موسم الحج كلَّ سنة، ولم ينكر أحد. انتهى.
قال المباركفوريّ: والأمر كما قالا، ولكنهما مع هذا الاعتراف لم يقولا بسنية الترجيع في الأذان، فأما صاحب "بذل المجهود"، فأجاب عن حديث أبي محذورة بأن الترجيع في أذانه لم يكن لأجل الأذان، بل كان لأجل التعليم، فانه كان كافرًا، فكرر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشهادتين برفع الصوت لترسخا