للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و"الإغارة": كَبْسُ القوم (١) على غفلة، وهي بالليل أولى، ولعلّ تأخيرها (٢) إلى الفجر لاستماع الأذان. انتهى (٣).

(إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ) ظرف متعلّق بـ "يُغِيرُ"، و"طَلَعٍ" بفتح اللام، يقال: طَلَع الكوكب، والشمسُ طُلُوعًا، من باب قَعَدَ، ومَطْلِعًا بفتح اللام وكسرها: إذا ظَهَرَ؛ كاطَّلَع، وكلّ ما بدا لك من عُلْوٍ، فقد طَلَعَ عليك، وطَلَعَ على الأمر طُلُوعًا: عَلِمه، كاطّلعه على افتعله، وتطلّعه، وطَلَعَ فلانٌ علينا، كمَنَعَ، ونَصَرَ: أتانا، كاطّلَعَ، وطَلَعَ عنهم: غاب، ضدٌّ، أفاده في "القاموس" (٤).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: أفاد ما تقدّم أن طلع الفجر، إذا ظهر، من باب قَعَدَ، وأما طلع علينا فلان، بمعنى: أتانا، فهو من بابي منع ونصر؛ فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.

وإنما كان -صلى اللَّه عليه وسلم- يُغير عند طلوع الفجر؛ ليعلم أنهم مسلمون أو كفّار؛ لأنهم إن كانوا مسلمين، فسيُصلّون صلاة الصبح، فلا يستحقّون الإغارة، وإلا تركوها، فيستحقّونها، ولذا أتبعه بقوله: (وَكَانَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (يَسْتَمِعُ الْأَذَانَ) أي يطلب سماعه، ويتوجّه بسمعه إلى صوت المؤذّن؛ ليتأكّد من حالهم (فَإِنْ سَمِعَ) بكسر الميم، يقال: سَمِعَ كَعَلِمَ سَمْعًا بالفتح، ويُكسَرُ، أو بالفتح المصدر، وبالكسر الاسم، وسَمَاعًا وسَمَاعَةً، وسَمَاعِيَةً، وتَسَمَّعَ، واسَّمَّعَ، قاله في "القاموس" (٥).

وقال في "المصباح": سَمِعته، وسمعت له سَمْعًا، وتسمَّعتُ، واستمعتُ كلُّها يتعدّى بنفسه، وبالحرف بمعنًى، واستمع لِمَا كان بقصد؛ لأنه لا يكون إلا بالإصغاء، وسَمِعَ يكون بقصد وبدونه. انتهى (٦).

(أَذَانًا أَمْسَكَ) أي عن الإغارة بسبب الأذان؛ لأنه تبيّن كونهم مسلمين أو مسالمين.


(١) أي: هُجُومهم.
(٢) الأولى إسقاط لفظة "لعلّ" لأن هذا ظاهر الحديث، فلا يحتاج إليها، فتأمل.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٣/ ٩١٤.
(٤) "القاموس المحيط" ٣/ ٥٩ بزيادة من "المصباح" ٢/ ٣٧٨.
(٥) "القاموس المحيط" ٣/ ٤٠.
(٦) "المصباح المنير" ١/ ٢٨٩.