للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويُسْتَدَلُّ أيضًا على القتال على ترك الصلاة بما في "صحيح مسلم" عن أم سلمة - رضي الله عنهما -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُستَعمَل عليكم أمراءُ، فتَعْرِفون وتُنكرِون، فمَن أنكر فقد بَرِئ، ومن كَرِهَ فقد سَلِمَ، ولكن مَن رَضِيَ وتابع"، فقالوا: يا رسول الله، ألا نقاتلهم؟ قال: "لا، ما صَلَّوْا" (١).

وحُكْمُ مَن تَرَك سائر أركان الإسلام أن يُقاتَلُوا عليها كما يُقاتَلُون على ترك الصلاة والزكاة.

ورَوَى ابنُ شهاب عن حنظلة بن علي بن الأسقع، أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - بَعَثَ خالد بن الوليد - رضي الله عنه -، وأمره أن يقاتل الناس على خمس، فمَن تَرَك واحدة من الخمس، فقاتلهم عليها، كما تُقاتل على الخمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان".

وقال سعيد بن جُبير: قال عمر بن الخطاب: لو أَنَّ الناس تركوا الحج لقاتلناهم عليه، كما نقاتلهم على الصلاة والزكاة.

فهذا الكلام في قتال الطائفة الممتنعة عن شيء من هذه الواجبات، وأما قتل الواحد الممتنع عنها، فأكثر العلماء على أنه يُقتَل الممتنع عن الصلاة، وهو قول مالك، والشافعيّ، وأحمد، وأبي عبيد، وغيرهم، ويدل على ذلك ما في "الصحيحين" عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن خالد بن الوليد - رضي الله عنه - استأذن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في قتل رجل، فقال: "لا، لعله أن يكون يصلي فقال خالد: وكم من مصلٍ يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لم أُومَرْ أن أَنْقُبَ عن قلوب الناس، ولا أَشُقَّ بطونهم".

وفي "مسند الإمام أحمد رحمه الله" عن عبيد الله بن عَدِيّ بن الخيار: أن رجلًا من الأنصار حدثه، أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنه في قتل رجل من المنافقين، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أليس يشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: بلى، ولا شهادة له، قال: "أليس يصلي؟ قال: بلى، ولا صلاة له، قال: "أولئك الذين نهاني الله عن قتلهم" (٢).


(١) رواه مسلم برقم (١٨٥٤) وأبو داود (٤٧٦٠).
(٢) رواه أحمد ٥/ ٤٣٢ - ٤٣٣ وإسناده على شرط الشيخين.