ويقال: ثاب إلى الرجل عقله، وثاب إلى المريض جسمه: أي عاد إلى حاله. انتهى (١).
وقال في "الفتح": قوله: "إذا ثُوِّبَ" بضم المثلثة، وتشديد الواو المكسورة، قيل: هو من ثاب: إذا رَجَع، وقيل: من ثَوَّب: إذا أشار بثوبه عند الفزع لإعلام غيره.
قال الجمهور: المراد بالتثويب هنا الإقامة، وبذلك جزم أبو عوانة في "صحيحه"، والخطابيّ، والبيهقيّ، وغيرهم، قال القرطبيّ: ثُوِّب بالصلاة: إذا أقيمت، وأصله أنه رَجَع إلى ما يُشْبِه الأذان، وكلُّ مَن رَدَّد صوتًا فهو مثوب، ويدلّ عليه رواية مسلم في رواية أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-: "فإذا سمع الإقامة ذهب".
وزعم بعض الكوفيين أن المراد بالتثويب قول المؤذن بين الأذان والإقامة: حيّ على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، وحَكَى ذلك ابن المنذر عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة، وزعم أنه تفرد به، لكن في "سنن أبي داود" عن ابن عمر أنه كَرِه التثويب بين الأذان والإقامة، فهذا يدلّ على أن له سلفًا في الجملة، ويَحْتَمِل أن يكون الذي تفرد به القول الخاصّ.
وقال الخطابيّ: لا يَعْرِف العامة التثويب إلا قول المؤذن في الأذان: "الصلاةُ خير من النوم"، لكن المراد به في هذا الحديث الإقامة، واللَّه أعلم. انتهى.
(أَدْبَرَ) أي ذهب الشيطان؛ لئلا يسمع الإقامة (حَتَّى إِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ) وفي الرواية السابقة: "فإذا سمع الإقامة ذهب حتى لا يسمع صوته، فإذا سكت رجع، فوسوس"(حَتَّى يَخْطِرَ) بضم الطاء، قال عياض: كذا سمعناه من أكثر الرواة، وضبطناه عن الْمُتْقِنين بالكسر، وهو الوجه، ومعناه: يوسوس، وأصله من خَطَرَ البعير بذنبه: إذا حَرَّكه، فضرب به فخذيه، وأما بالضم فمن السلوك والمرور: أي يَدْنُوَ منه، فيمر بينه وبين قلبه، فَيَشْغَله عما هو فيه، وبهذا