للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خلافًا لمن شَرَط في إدراك فضيلة أول الوقت أن يَنطبِق أول التكبير على أول الوقت. انتهى (١).

(أَقْبَلَ) أي جاء الشيطان، فوسوس، كما تقدّم في الرواية السابقة (حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ) أي أُقيم لها، ففي الرواية السابقة: "فإذا سمع الإقامة".

قال العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "التثويب" بالتاء المثناة، ثم المثلثة، المراد به ههنا إقامة الصلاة، ويدلّ لذلك قوله في رواية لمسلم: "فإذا سمع الإقامة"، ولا يمكن أن يكون المراد بالتثويب هنا قول المؤذن: "الصلاة خير من النوم" مرتين، وإن كان يُسَمَّى تثويبًا؛ لأمرين:

[أحدهما]: أن هذا خاصّ بأذان الصبح، والحديث عامّ في كل أذان.

[والثاني]: أن الحديث دلّ على أن هذا التثويب يتخلل بينه وبين الأذان فصلٌ، يَحْضُر فيه الشيطان، والتثويب الذي في الصبح لا فصل بينه وبين الأذان، بل هو في أثنائه.

وأصل التثويب أن يجيء الرجل مُسْتصرِخًا، فَيُلَوِّح بثوبه؛ لِيُرَى ويشتهر، فسُمِّي الدعاء تثويبًا لذلك، وكل داع مُثَوِّب، وقيل: إنما سُمِّي تثويبًا، من ثاب يثوب: إذا رَجَعَ، فالمؤذن رجع بالإقامة إلى الدعاء للصلاة، قال عبد المطلب بن هاشم، وهو بالمدينة عند أخواله بني النجّار [من الوافر]:

فَحَنَّتْ نَاقَتِي فَعَلِمْتُ أَنِّي … غَرِيبٌ حِينَ ثَابَ إِلَيَّ عَقْلِي

وقال غيره [من الخفيف]:

لَوْ رَأَيْنَا التَّأْكِيدَ خُطَّةَ عَجْزٍ … مَا شَفَعْنَا الأَذَانَ بِالتَّثْوِيبِ (٢)

قال ابن عبد البر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لفظ التثويب مأخوذ من ثاب الشيءُ يثوب: إذا رجع، كأن المقيم للصلاة عاد إلى معنى الأذان، فأَتَى به، ويقال: ثَوَّبَ الداعي: إذا كَرَّر دعاءه إلى الحرب، قال حسّان بن ثابت -رضي اللَّه عنه-[البسيط]:

فِي فِتْيَةٍ كَسُيُوفِ الْهِنْدِ أَوْجُهُهُمْ … لَا يَنْكُلُونَ إِذَا مَا ثَوَّبَ الدَّاعِي

وقال حُذيفة في معناه [من الوافر]:


(١) "الفتح" ٢/ ١٠٢.
(٢) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٢/ ١٩٧ - ١٩٨.