للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الظاهر، لا خلافه، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

(حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ) علّة للضُّرَاط، إنما يفعل ذلك؛ ليَشْغَلَ نفسه عن سماع الأذان؛ لئلا يشهد للمؤذّن يوم القيامة؛ لما أخرجه البخاريّ في "صحيحه" عن أبي سعيد الخدريّ -رضي اللَّه عنه- قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا يسمع مَدَى صوت المؤذن جنّ، ولا إنسٌ، ولا شيءٌ إلا شَهِدَ له يوم القيامة"، قال أبو سعيد: سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقيل: "حتى" غاية لإدباره، قاله في "العمدة" (١).

وقال في "الفتح": ظاهره أنه يتعمد إخراج ذلك إما لِيَشْتَغِل بسماع الصوت الذي يخرجه عن سماع المؤذن، أو يصنع ذلك استخفافًا، كما يفعله السفهاء، ويَحْتَمِل أن لا يتعمد ذلك، بل يحصل له عند سماع الأذان شدّة خوف، يَحْدُثُ له ذلك الصوتُ بسببها، ويَحْتَمِل أن يتعمد ذلك؛ ليقابل ما يناسب الصلاة، من الطهارة بالحدث. انتهى (٢)، وهو بحث نفيسٌ، واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه]: قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كُرّرت "حتى" في هذا الحديث خمس مرّات؛ أولاهنّ، والرابعة، والخامسة بمعنى "كي"، والثانية، والثالثة دخلتا على الجملتين الشرطيّتين، وليستا للتعليل. انتهى (٣).

(فَإِذَا قُضِيَ التَّأْذِينُ) ببناء الفعل للمفعول، و"التأذين" بالرفع نائب فاعله، ويَحْتَمِل أن يكون بالبناء للفاعل، والفاعل ضمير يعود إلى المنادي المدلول عليه بـ "نُودي"، و"التأذينَ" منصوب على المفعوليّة.

والقضاء يأتي لمعانٍ كثيرةٍ، وهو هنا بمعنى الفراغ، تقول: قَضَيْتُ حاجتي: أي فَرَغْتُ منها، أو بمعنى الانتهاء، قاله في "العمدة" (٤).

وقال في "الفتح": واستُدِلَّ به على أنه كان بين الأذان والإقامة فَصْلٌ،


(١) "عمدة القاري" ٥/ ١٦٣ - ١٦٤.
(٢) "الفتح" ٢/ ١٠٢.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٣/ ٩١٠.
(٤) "عمدة القاري" ٥/ ١٦٤.