ورُوي عن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- أنه قال: إن شيئًا من الخلق لا يستطيع أن يتحول في غير خلقه، ولكن للجن سَحَرَةً كسَحَرَة الإنس، فإذا خشيتم شيئًا من ذلك، فأَذِّنوا بالصلاة.
وقال مالك بن أنس: استُعْمِل زيدُ بن أسلم على مَعْدن بني سليم، وكان معدنًا لا يزال يصاب فيه الناس من الجنّ، فلما وَليَهم شَكَوا ذلك إليه، فأمرهم بالأذان، وأن يرفعوا أصواتهم به، ففعلوا، فارتفع ذلك عنهم، فهم عليه حتى اليوم، قال مالك: وأعجبني ذلك من رأي زيد بن أسلم. انتهى.
١٠ - (ومنها): أن فيه دليلًا على أنه كان في زمنه -صلى اللَّه عليه وسلم- يفصل بين الأذان والإقامة بزمن، وذلك دليلٌ على أنه لا يُشتَرط في تحصيل فضيلة إيقاع الصلاة في أول وقتها انطباق أولها على أول الوقت؛ إذ لو كان كذلك لَمَا واظبوا على ترك هذه الفضيلة، وهذا هو الصحيح المعروف، وقيل: لا يَحصُل ذلك إلا بأن ينطبق أول التكبيرة على أول الوقت، وهو شاذٌّ، وهذا الحديث يدلّ على خلافه، قاله في "شرح التقريب"(١).
١١ - (ومنها): أن الجنّ يسمعون أصوات بني آدم، قاله العينيّ.
١٢ - (ومنها): ما قيل: إنه يُشبه أن يؤخذ منه الزجر عن خروج الإنسان من المسجد بعد أن يؤذّن فيه؛ لئلا يكون مشابهًا للشيطان الذي يفز عند سماع الأذان.
١٣ - (ومنها): ما قيل أيضًا: يؤخذ من التصريح بلفظ الضراط أن استحباب الكناية عما يُستقبح سماعه إنما هو حيث لا تدعو الحاجة إلى التصريح به، وإلا بأن ترتّب عليه مصلحة؛ كالتقبيح والتنفير المرادين من هذا الحديث، فلا بأس به، فتنبّه.
١٤ - (ومنها): أنه قد يُستَدَلُّ به على أن الأذان أفضل من الإمامة، وهو الذي صححه النوويّ، خلافًا للرافعيّ، فإنه صحح تفضيل الإمامة، وعن أحمد روايتان، قال العراقيّ: وفي المسألة لأصحابنا وجه ثالثٌ، وهو أنه إن قام بحقوق الإمامة، كانت أفضل من الأذان، وإلا فهو أفضل، قال به أصحابنا: