للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"والْمَنْكِب" بفتح الميم، وكسر الكاف، بينهما نون ساكنة: مجمع عظم الْعَضُد والكتف.

والمعنى: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- رفع يديه حتى تكونا مقابلتين لمنكبيه.

وبهذا أخذ الشافعيّ، والجمهور، وذهب أبو حنيفة إلى حديث مالك بن الْحُويرث -رضي اللَّه عنه- الآتي في الباب: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا كبر رفع يديه، حتى يحاذي بهما أذنيه. . . "، وفي رواية: "حتى يحاذي بهما فروع أذنيه"، قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ورُجّح الأول؛ لكون إسناده أصحّ. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي الأرجحُ هو العمل بهما؛ لصحّتهما، وإمكان العمل بهما، فيعمل تارةً بهذا، وتارة بهذا، فلا حاجة للترجيح؛ لأنه لا يصار إليه إلا عند تعذّر العمل بالدليلين، وقد أمكن هنا؛ فتبصّر، وسيأتي تمام البحث فيه في المسألة الثامنة -إن شاء اللَّه تعالى-.

(وَقَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ) أي ورفع يديه أيضًا قبل ركوعه، وفي رواية ابن جريج: "فإذا أراد أن يركع فعل مثل ذلك" (وَإِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ) أي ورفع أيضًا عند رفع رأسه من الركوع، وفي رواية البخاريّ: "ثم إذا قال: سمع اللَّه لمن حمده، فعل مثل ذلك"، وفي حديث مالك بن الحويرث -رضي اللَّه عنه- الآتي: "وإذا رفع رأسه من الركوع، فقال: سمع اللَّه لمن حمده، فعل مثلَ ذلك" (وَلَا يَرْفَعُهُمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ) وفي رواية ابن جريج: "ولا يفعله حين يرفع رأسه من السجود"، وفي رواية للبخاريّ: "ولا يفعل ذلك حين يسجد، ولا حين يرفع رأسه من السجود"، قال في "الفتح": وهذا يشمل ما إذا نهض من السجود إلى الثانية، والرابعة، والتشهّدين، ويشمل ما إذا قام إلى الثالثة أيضًا، لكن بدون تشهّد؛ لكونه غير واجب.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الحقّ أن التشهّد الأول واجب، كما هو مذهب أحمد؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- دام عليه، وسجد للسهو لَمّا تركه، وسيأتي تمام البحث فيه -إن شاء اللَّه تعالى-.

قال: وإذا قلنا باستحباب جِلسة الاستراحة -أي وهو الحقّ- لم يدلّ هذا اللفظ على نفي ذلك عند القيام منها إلى الثانية، والرابعة، لكن قد روى يحيى القطّان، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، مرفوعًا هذا الحديث، وفيه: