للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثنا همّام، قال: أنبأنا قتادة، بإسناده: "أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يرفع يديه حِيَال أُذنيه في الركوع، والسجود". انتهى (١).

وخلاصة القول: إن حديث مالك بن الحويرث -رضي اللَّه عنه- بزيادة الرفع في السجود صحيح دون شكّ، فمن ادّعى فيه شذوذًا، أو غيره، فقد جازف، وقال بغير برهان.

وقد صحّ أيضًا من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-، كما أسلفناه من رواية ابن أبي شيبة في "مصنّفه"، وأخرجه ابن حزم في "المحلّى" (٢) من طريق ابن أبي شيبة.

والحاصل أن قول من قال باستحباب رفع اليدين في السجود هو الراجح؛ لصحّة دليله، ولكن مثل هذه السنّة يُعمل بها أحيانًا؛ لأن أحاديث النفي صحيحة أيضًا، فيُجمع بينها وبين أحاديث الإثبات بحمل أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- فعل ذلك في بعض الأوقات، فبهذا تجتمع الأحاديث، ويمكن العمل بكلّها، من غير تفريط، ولا إفراط، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثانية عشرة): في حكم رفع اليدين عند القيام من الركعتين:

قال الحافظ وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قد يُستَدَلُّ بقوله: "ولا يرفعهما بين السجدتين" على أنه كان يرفع يديه في القيام من الركعتين؛ لأنه لو اقتصر على الرفع في المواطن الثلاثة المتقدم ذكرُها، لَمْ يكن للنفي في السجود معنًى؛ لوجود النفي في غير السجود أيضًا، فدلّ النفي عن السجود على ثبوت الرفع في غير المواطن الثلاثة، وما هو إلَّا القيام من الركعتين، ويدل لذلك قوله في "صحيح البخاري" من رواية عبد الأعلى، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر: "وإذا قام من الركعتين، رفع يديه، ويرفع ذلك إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-".

وقال أبو داود: الصحيح قول ابن عمر، ليس بمرفوع، ورَجَّح الدارقطنيّ الرفع، فقال: إنه أشبه بالصواب، ويوافقه أيضًا قوله في حديث أبي حميد الساعدي، في عشرة من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، في صفة صلاة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثم إذا قام من الركعتين كبر، ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، كما كبر عند


(١) راجع: "مسند أبي عوانة" ١/ ٤٢٧ رقم (١٥٩٠).
(٢) راجع: "المحلّى" ٤/ ٩٢.