بالرفع، وليس في حديث ابن شهاب ما يدفعها، بل فيه ما يثبتها، وهو قوله:"وكان لا يفعل ذلك بين السجدتين"، فدليله أنه كان يفعلها في كل خفض ورفع، ما عدا السجود، وقال البخاريّ في "كتاب رفع اليدين": ما زاده ابن عمر، وعليّ، وأبو حميد، في عشرة من الصحابة -رضي اللَّه عنهم-: "أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يرفع يديه إذا قام من الركعتين"، كله صحيح؛ لأنهم لَمْ يَحْكُوا صلاةً واحدةً، ويختلفون فيها، مع أنه لا اختلاف في ذلك، وإنما زاد بعضهم، والزيادة مقبولة من الثقة. انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن مما سبق أن الحقّ قول من قال باستحباب رفع اليدين عند القيام من الركعتين؛ لصحّة الحديث بذلك؛ فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثالثة عشرة): قال الحافظ وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ما ذكره والدي -رَحِمَهُ اللَّهُ- في الأصل في النسخة الكبرى" من أن رفع اليدين رُوي من حديث خمسين من الصحابة، ذكره أيضًا في شرح "ألفيته"، فقال: وقد جَمعتُ رواته، فبلغوا نحو الخمسين، لكن ابن عبد البر في "التمهيد" اقتصر على ثلاثة عشر، والسِّلَفيّ قال: رواه سبعة عشر، ومن عَلِمَ حجة على من لَمْ يعلم، وقوله: إن منهم العشرةَ سبقه إليه غير واحد، فقال البيهقيّ: سمعت الحاكم أبا عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه الحافظ يقول: لا نعلم سنةً اتَّفَقَ على روايتها عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الخلفاء الأربعة، ثم العشرة الذين شَهِد لهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالجنة، فمن بعدهم من أكابر الصحابة، على تفرقهم في البلاد الشاسعة، غير هذه السنة، قال البيهقيّ: وهو كما قال أستاذنا أبو عبد اللَّه، وقال الشيخ تقيّ الدين ابن دقيق العيد في "الإلمام": جزمه ليس بجيِّد، فإنّ الجزم إنما يكون مع الصحة، ولعله لا يصح عن جملة العشرة.
قال وليّ الدين: ولذلك أتى والدي -رَحِمَهُ اللَّهُ- بصيغة التمريض، فقال: رُوي، وممن ذَكَر أن حديث رفع اليدين رواه العشرة عبدُ الرحمن بن محمد بن منده، في كتاب له سماه "المستخرج من كتب الناس"، لكن في تخصيص الحاكم