للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والبيهقيّ رواية العشرة بحديث رفع اليدين نظر، فقد شاركه في ذلك حديث: "مَنْ كَذَب عليّ متعمدًا، فليتبوأ مقعده من النار"، ذكر غير واحد أنه رواه العشرة، فحَكَى ابن الجوزي في مقدمة "الموضوعات" عن أبي بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب الإسفرايينيّ، أنه ليس في الدنيا حديث اجتَمَع عليه العشرة غيره.

وحَكَى ابن الصلاح ذلك عن بعض الحفاظ، ولعله أراد هذا، وفي هذا الحصر نظر أيضًا؛ لما عَرَفت، وقد شاركهما في ذلك حديثُ مسح الخفين، فقد رواه أكثر من ستين من الصحابة، ومنهم العشرة، كما ذكره عبد الرحمن بن منده في "المستخرج من كتب الناس". انتهى كلام وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

وإلى ما ذُكر أشار السيوطيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "ألفيّة الحديث"، حيث قال في معرِض الردّ على من ادّعَى عدم وجود المتواتر، أو عزّته:

وَبَعْضُهُمْ قَدِ ادَّعَى فِيهِ الْعَدَمْ … وَبَعْضُهُمْ عِزَّتَهُ وَهْوَ وَهَمْ

بَلِ الصَّوَابُ أَنَّهُ كَثِيرُ … وَفِيهِ لِي مُؤَلَّفٌ نَضِيرُ

خَمْسٌ وَسَبْعُونَ رَوَوْا "مَنْ كَذَبَا" … وَمِنْهُمُ الْعَشْرَةُ ثُمَّ انْتَسَبَا

لَهَا حَدِيثُ "الرَّفْعِ لِلْيَدَيْنِ" … وَ"الْحَوْضِ" و"الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ"

واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة عشرة): في اختلاف أهل العلم في حكم تكبيرة الإحرام: قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: تكبيرة الإحرام واجبة عند مالك، والثوريّ، والشافعيّ، وأبي حنيفة، وأحمد، والعلماء كافّة، من الصحابة والتابعين، فمن بعدهم -رضي اللَّه عنهم- إلَّا ما حكاه القاضي عياض، وجماعة عن ابن المسيِّب، والحسن، والزهريّ وقتادة، والحكم، والأوزاعيّ أنه سنة ليس بواجب، وأن الدخول في الصلاة يكفي فيه النية، قال: ولا أظنّ هذا يصح عن هؤلاء الأعلام مع هذه الأحاديث الصحيحة، مع حديث عليّ -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مفتاح الصلاة الطُّهُور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم"، وهو حديث صحيح (٢).


(١) "طرح التثريب" ٢/ ٢٦٤.
(٢) حديث صحيح، أخرجه أبو داود ١/ ١٦، والترمذيّ ١/ ٨، وابن ماجة ١/ ١٠١.