للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولفظة التكبير "اللَّه أكبر"، فهذا يجزئ بالإجماع، قال الشافعيّ: ويجزي "اللَّه الأكبر"، لا يجزي غيرهما، وقال مالك: لا يجزئ إلَّا "اللَّه أكبر"، وهو الذي ثبت أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقوله، وهذا قول منقولٌ عن الشافعيّ في القديم، وأجاز أبو يوسف "اللَّه الكبير"، وأجاز أبو حنيفة الاقتصار فيه على كل لفظ فيه تعظيم اللَّه تعالى، كقوله: الرحمن أكبر، أو اللَّه أجلّ، أو أعظم، وخالفه جمهور العلماء من السلف والخلف. انتهى (١).

وقال الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ثبت عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال لرجل: "إذا قمت إلى الصلاة، فكبّر"، وجاء الحديث عنه أنه قال: "مفتاح الصلاة الطَّهُور، وإحرامها التكبير"، وجاءت الأخبار من وجوه شتّى عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه افتتح الصلاة بالتكبير، وأجمع أهل العلم على أن من أحرم للصلاة بالتكبير أنه داخل فيها.

وممن رأى أن التكبير افتتاح للصلاة عبد اللَّه بن مسعود، وطاوس، وأيوب، وسفيان الثوريّ، وما لك بن أنس، والشافعيّ، وأبو ثور، وإسحاق، وعليه عوامّ أهل العلم في القديم والحديث، لا يختلفون أن السنّة أن تُفتَتَحَ الصلاة بالتكبير.

وكان الحكم يقول: إذا ذَكَر اللَّه مكان التكبير يُجزيه.

واختَلَف أصحاب الرأي في هذه المسألة، فحَكَى يعقوب، عن النعمان أنه قال في الرجل يفتتح الصلاة بـ "لا إله إلَّا اللَّه": يجزيه، وإن افتتح بـ "اللهم اغفر لي" لَمْ تجزه الصلاة، قال: وهو قول محمد بن الحسن، وقال أبو يوسف: تجزيه إذا كان يُحسن التكبير.

ثم قال ابن المنذر بعد الاختلافات: والأخبار الثابتة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا الباب مُستغنًى بها عما سواها، ولا معنى لقول أُحْدِثَ مخالفًا للسنن الثابتة، ولِمَا كان عليه الخلفاء الراشدون المهديّون، وسائر المهاجرين والأنصار، وأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفقهاء المسلمين في القديم والحديث.

وقد أجمع أهل العلم، لا اختلاف بينهم أن الرجل يكون داخلًا في


(١) "شرح النوويّ" ٤/ ٩٦ - ٩٧.