للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصلاة بالتكبير، متّبعًا للسنّة إذا كبّر لافتتاح الصلاة، وقد اختلفوا فيمن سبّح مكان التكبير لافتتاح الصلاة، وغير جائز أن تنعقد صلاة عقدها مصلّيها بخلاف السنّة.

واختلفوا في الرجل يفتتح الصلاة بالفارسيّة، فكان الشافعيّ وأصحابه يقولون: لا يجزئ أن يكبّر بالفارسيّة إذا أحسن العربيّة، وهكذا قال يعقوب ومحمد: إن ذلك لا يجزيه إلَّا أن يكون ممن لا يُحسن العربيّة، وقال النعمان: إن افتتح الصلاة بالفارسيّة، وقرأ بها، وهو يُحسن العربيّة أجزأه.

قال ابن المنذر: لا يجزيه؛ لأن ذلك خلاف ما أمر اللَّه به، وخلاف ما علّم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمته، وما عليه جماعات أهل العلم، لا نعلم أحدًا وافقه على مقالته هذه، ولا يكون قارئًا بَالفارسيّة القرآن أبدًا؛ لأن اللَّه تعالى أنزله قرآنًا عَربيًّا، فغير جائز أن يُقرأ بغير ما أنزل اللَّه تعالى. انتهى كلام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن بما ذُكر من أقوال أهل العلم، وأدلّتهم أن الحقّ إيجاب لفظ التكبير للدخول في الصلاة؛ لأنه الثابت عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قولًا وفعلًا، بل جاء بصيغة الأمر، والأمر للوجوب، وأما القائلون بإجزاء غيره من الألفاظ، فليس عندهم حجة، وإنما هو مجرّد قياس، فلا يجوز الالتفات إليه، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[٨٦٨] (. . .) - (حَدَّثَنِي (٢) مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: "كَانَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِذَا قَامَ لِلصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ، حَتَّى تَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ كَبَّرَ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَا يَفْعَلُهُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ").


(١) راجع: "الأوسط" ٣/ ٧٥ - ٧٨.
(٢) وفي نسخة: "حدّثنا".