للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٧ - (ومنها): أنه يستفاد من قول عمران -رضي اللَّه عنه-: "لقد ذَكَّرني هذا صلاة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- " الإشارة إلى ما قدمناه، من أنه كان هُجِرَ استعمال التكبير في الانتقالات لدى كثير من عوامّ الناس، وإن كان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عالمين بها، وقائمين بنشرها، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في تكبيرات الانتقالات:

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: (اعلم): أن تكبيرة الإحرام واجبة، وما عداها سنةٌ لو تركه صحت صلاته، لكن فاتته الفضيلة، وموافقة السنة، هذا مذهب العلماء كافّة، إلَّا أحمد بن حنبل -رَحِمَهُ اللَّهُ- في إحدى الروايتين عنه، أن جميع التكبيرات واجبةٌ. ودليل الجمهور أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَّم الأعرابيّ الصلاة، فعلّمه واجباتها، فذكر منها تكبيرة الإحرام، ولم يذكر ما زاد، وهذا موضع البيان ووقته، ولا يجوز التأخير عنه. انتهى كلام النوويّ.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قوله: "ولم يذكر ما زاد" غير صحيح، بل ذكر كل تكبيرات الانتقالات، وبيّنها كما بيّنت ذلك في "شرح النسائيّ"، فالحقّ ما نُقل عن أحمد -رَحِمَهُ اللَّهُ-، من وجوبها؛ فتبصّر.

وحَكَى الإمام الترمذيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- مشروعيّة التكبير في كل خفض ورفع عن الخلفاء الأربعة -رضي اللَّه عنهم-، وغيرهم، ومن بعدهم من التابعين، قال: وعليه عامّة الفقهاء والعلماء.

وحكاه ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ- عن أبي بكر الصدّيق، وعمر بن الخطّاب، وابن مسعود، وابن عمر، وجابر، وقيس بن عُباد، والشعبيّ، وأبي حنيفة، والثوريّ، والأوزاعيّ، ومالك، وسعيد بن عبد العزيز، وهو قول عوامّ أهل العلم من علماء الأمصار، وفي الأخبار الثابتة التي رويناها عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حجّة وكفاية.

قال: وقد روينا عن غير واحد من أهل العلم أنهم نقصوا التكبير، ولا حجة في أحد مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولعلّ من ذكرنا عنهم أنهم نقصوا التكبير، إما أن يكونوا غفلوا أو كبّروا، فلم يُؤَدَّ عنهم، أو يكونوا دفعوا ذلك، فغير جائز دفع ما ثبتت به الأخبار عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعمن ذكرنا ذلك عنه من