للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورَوَى أبو عبيد أنّ أول من تركه زياد، وهذا لا ينافي الذي قبله؛ لأن زيادًا تركه بترك معاوية، وكأن معاوية تركه بترك عثمان.

وقد حَمَل ذلك جماعة من أهل العلم على الإخفاء، ويُقوّيه ما أخرجه البخاريّ من طريق فُلَيح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، قال: صلى لنا أبو سعيد -يعني الخدريّ- فجهر بالتكبير حين رفع رأسه من السجود، وحين سجد، وحين رفع، وحين قام من الركعتين، وقال: هكذا رأيت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وزاد الإسماعيليّ في آخره: "فلما انصرف، قيل له: قد اختلف الناس على صلاتك، فقام عند المنبر، فقال: إني واللَّه ما أبالي، اختَلَفت صلاتكم، أم لَمْ تَخْتَلف؟، إني رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هكذا يصلّي".

قال في "الفتح": والذي يظهر أن الاختلاف بينهم كان في الجهر بالتكبير، والإسرار به، وكان مروان وغيره من بني أميّة يُسرّونه (١).

لكن حَكَى الطحاويّ أن قومًا كانوا يتركون التكبير في الخفض دون الرفع، قال: وكذلك كانت بنو أمية تفعل، وروى ابن المنذر نحوه عن ابن عمر، وعن بعض السلف أنه كان لا يكبر سوى تكبيرة الإحرام، وفرّق بعضهم بين المنفرد وغيره، ووجَّهه بأن التكبير شُرع للإيذان بحركة الإمام، فلا يحتاج إليه المنفرد، لكن استقرّ الأمر على مشروعية التكبير في الخفض والرفع لكل مصلّ، فالجمهور على ندبية ما عدا تكبيرة الإحرام، وعن أحمد، وبعض أهل العلم بالظاهر يجب كلّه (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تقدّم أن الحقّ ما قاله الإمام أحمد، ومن معه، من إيجاب تكبيرات الانتقالات؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر به المسيء صلاته، وأمره للوجوب، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عمران بن حُصين -رضي اللَّه عنهما- هذا متّفقٌ عليه.


(١) راجع: "الفتح" ٢/ ٣٥٤ - ٣٥٥.
(٢) راجع: "الفتح" ٢/ ٣١٥ - ٣١٦.