للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[تنبيه]: قوله: "يبلغ به النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-" من صيغ الرفع حكمًا، ومثله قولهم: "يرفعه"، و"ينميه"، و"روايةً"، و"يرويه"، و"يُسنده"، و"يأثُرُه"، ونحو ذلك، وإلى ذلك أشار السيوطيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "ألفية الحديث"، حيث قال:

وَهَكَذَا يَرْفَعُهُ يَنْمِيهِ … رِوَايَةً يَبْلُغْ بِهِ يَرْوِيهِ

وهذه الألفاظ وأمثالها مرفوعة حكمًا، بلا خلاف بين أهل العلم، كما صرّح به النوويّ، واقتضاه كلام الشيخ أبي عمرو بن الصلاح، قال الحافظ السخاويّ: يدلّ لذلك مجيء بعض المكنيّ به بالتصريح، ففي بعض الروايات لحديث: "الفطرة خمس": "يبلغ به النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفي بعضها: "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكما جاء هنا في الرواية التالية بلفظ: "عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا صلاة. . . " إلخ.

والسبب الحامل للراوي على عدوله عن التصريح بقول الصحابيّ: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ونحو ذلك إلى أن يعبّر بقوله: "يبلغ به"، أو "ينميه"، أو "يرويه"، أو نحوها مع تحقّقه بأن الصحابيّ رفعه إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كونه يشكّ في صيغة الرفع بعينها، هل هي "سمعتُ"، أو "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-"، أو "نبيّ اللَّه"، أو "حدّثني"، أو نحوها؟ وهو ممن لا يرى الإبدال، أو طلبًا للتخفيف، أو لورعه حيث رواه بالمعني، أو نحو ذلك (١)، واللَّه تعالى أعلم.

("لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ") زاد الحميديّ، عن سفيان: "فيها"، كذا في "مسنده"، وهكذا رواه يعقوب بن سفيان عن الحميديّ، أخرجه البيهقيّ، وكذا لابن أبي عمر عند الإسماعيليّ، ولِقُتيبة، وعثمان بن أبي شيبة، عند أبي نعيم، في "المستخرج"، وهذا يُعَيِّن أن المراد القراءة في نفس الصلاة، قاله في "الفتح" (٢).

وقال العلامة السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "حاشية النسائيّ" (٢/ ١٣٧):

قوله: "لا صلاة لمن لَمْ يقرأ بفاتحة الكتاب": ليس معناه: لا صلاة لمن


(١) راجع: شرحي لألفية السيوطيّ المسمّى "إسعاف ذوي الوطر في شرح ألفية الأثر" ١/ ١٢٧ - ١٢٩.
(٢) ٢/ ٤٨٦.