قال الحافظ: وفيه نظر؛ لأن قراءتها في ركعة واحدة من الرباعية مثلًا يقتضي حصول اسم قراءتها في تلك الصلاة، والأصل عدم وجوب الزيادة على المرة الواحدة، والأصل أيضًا عدم إطلاق الكل على البعض؛ لأن الظهر مثلًا كلها صلاة واحدة حقيقةً، كما صرح به في حديث الإسراء حيث سَمَّى المكتوبات خمسًا، وكذا حديث عبادة:"خمس صلوات كتبهنّ اللَّه على العباد"، وغير ذلك، فإطلاق الصلاة على ركعة منها يكون مجازًا.
قال الشيخ ابن دقيق العيد: وغاية ما في هذا البحث أن يكون في الحديث دلالة مفهوم على صحة الصلاة بقراءة الفاتحة في ركعة واحدة منها، فإن دلّ دليل خارج منطوق على وجوبها في كل ركعة كان مقدمًا. انتهى.
وقال بمقتضى هذا البحث الحسن البصريّ، رواه عنه ابن المنذر بإسناد صحيح.
ودليل الجمهور في إيجابها في كل ركعة قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- للمسيء صلاته:"وافعل ذلك في حلاتك كلها" بعد أن أمره بالقراءة، وفي رواية لأحمد وابن حبان:"ثم افعل ذلك في كل ركعة".
قال في "الفتح": ولعل هذا هو السر في إيراد البخاريّ له عقب حديث عبادة. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: وكذلك يدلّ فعل مسلم هنا حيث أورده في هذا الباب؛ فتنبّه.
٤ - (ومنها): أنه استُدِلّ به على وجوب قراءة الفاتحة على المأموم، سواء أسرّ الإمام أم جهر؛ لأن صلاته صلاة حقيقةً، فتنتفي عند انتفاء القراءة.
قال ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إلَّا إن جاء دليلٌ يقتضي تخصيص صلاة المأموم من هذا العموم، فيقدّم.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: لَمْ يجئ دليلٌ صحيح يعارض هذا العموم، بل الذي جاء نصّ في إيجابها على المأموم مطلقًا، وذلك ما صحّ عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال:"لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ " قالوا: نعم، قال:"لا تفعلوا إلَّا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها"، فتنبّه.
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: واستَدَلّ مَن أسقطها عن المأموم مطلقًا كالحنفية