للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(أَشْهَدُ) يجوز جزمه على أنه جواب الأمر، أي إن تقل أشهَدْ، ويجوز رفعه على الاستئناف استئنافًا بيانيًّا، كأنه قال: فما لي إن قلتها؟ وفي رواية للبخاريّ: "أُحَاجُّ"، وهي بتشديد الجيم، من الْمُحَاجّة، وهي مفاعلة من الْحُجّة، وفي رواية مجاهد عند الطبريّ: "أُجادل عنك بها"، زاد الطبريّ من طريق سفيان بن حسين، عن الزهري قال: "أَيْ عَمّ، إنك أعظم الناس عليَّ حقًّا، وأحسنهم عندي يدًا، فقل: كلمةً تجب لي بها الشفاعة فيك يوم القيامة". قاله في "الفتح" (١).

قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: وكلّ ذلك ترغيبٌ لأبي طالب، وحرصٌ على نجاته، ويأبى الله إلا ما يُريد. انتهى (٢).

(لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ) الجارّان، والظرف متعلّقات بـ "أشهد".

(فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِب، أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) الهمزة فيه للاستفهام الإنكاريّ، أي أتُعرض عنها، وتتركها، يقال: رَغِبَ عن الشيء: إذا لم يُرِده، ورغب فيه: إذا أراده، قال في "القاموس": رَغِبَ فيه، كسَمِعَ رَغْبًا، ويُضمّ، ورَغْبَةً: أراده، كارتغب، ورَغِبَ عنه: لم يُرده. انتهى (٣)، وفي "المصباح": رَغِبْتُ في الشيء، ورَغِبْتُهُ يتعدّى بنفسه أيضًا: إذا أردته، رَغَبًا بفتح الغين، وسكونها، وَرُغْبَى بفتح الراء وضمّها، ورَغْبَاءً بالفتح والمدّ، ورَغِبْتُ عنه: إذا لم تُرده. انتهى (٤).

(فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ) بفتح أوله، وكسر الراء، يقال عَرَضَ عليه الشيءَ: أراه إيّاه، أي لم يَزَلْ - صلى الله عليه وسلم - يُرغّب أبا طالب في تلك الكلمة، ويُحسّنها له، وفي رواية الشعبي عند الطبريّ: "فقال له ذلك مرارًا" (وَيُعِيدُ لَهُ تِلْكَ الْمَقَالَةَ)، قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: هكذا هو في الأصول، وعند أكثر الشيوخ، ويعني بذلك أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أقبل على أبي طالب يَعْرِض عليه الشهادة، ويُكرّرها عليه، ووقع في بعض النسخ: "ويُعيدان له تلك المقالة" على التثنية، ووجهها أن أبا جهل وعبد الله بن أبي أميّة أعادا على أبي طالب


(١) "الفتح" ٨/ ٦٤٥.
(٢) "المفهم" ١/ ١٩٣.
(٣) "القاموس" ص ٨٤.
(٤) "المصباح المنير" ١/ ٢٣١.