للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قولهما: "أترغب عن ملّة عبد المطّلب"، حتى أجابهم إلى ذلك، قال القاضي: وهذا أشبه. انتهى (١).

وفي رواية البخاريّ: "ويُعيدانه بتلك المقالة" قال في "الفتح": أي ويعيدانه إلى الكفر بتلك المقالة، كأنه قال: كان قارب أن يقولها، فَيَرُدّانه، ووقع في رواية معمر: "فيعودان له بتلك المقالة"، وهي أوضح. انتهى (٢).

(حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ) أي في آخر تكليمه إياهم (هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) أرادَ بذلك نفسه، ويحتمل أن يكون قال: "أنا" فَغَيَّرها الراوي؛ أَنَفَةً أن يَحْكِيَ كلامَ أبي طالب، استقباحًا للّفظ المذكور، وهي من التصرفات الحسنة.

ووقع في رواية مجاهد قال: "يا ابن أخي مِلَّةُ الأشياخ"، ووقع في حديث أبي هريرة الآتي بعد هذا عند مسلم: "قال: لولا أَنْ تُعَيِّرني قريش، يقولون: إنّما حمله الْجَزَعُ، لأقررت بها عينك"، وفي رواية الطبرانيّ: قال: لولا أن يكون عليك عارٌ لم أُبَالِ أن أَفْعَلَ".

(وَأَبَى) أي امتنع أبو طالب (أَنْ يَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) هو تأكيد من الراوي في نفي وقوع ذلك من أبي طالب، وكأنه استند في ذلك إلى عدم سماعه ذلك منه في تلك الحال، وهذا القدر هو الذي يُمْكن اطّلاعه عليه، ويَحْتَمِل أن يكون أطلعه النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَمَا") بفتح الهمزة، وتخفيف الميم: أداة استفتاح، وتنبيه، مثلُ "ألا" ووقع في بعض النسخ "أَمَ والله لأستغفرن لك قال النوويّ رحمه الله تعالى: هكذا ضبطناه "أَمَ " من غير ألف بعد الميم، وفي كثير من الأصول، أو أكثرها: "أَمَا والله" بألف بعد الميم، وكلاهما صحيح.

قال الإمام أبو السعادات، هبة الله بن عليّ بن محمد العلويّ الحسنيّ المعروف بابن الشجريّ في كتابه "الأمالي": "ما" مزيدة للتوكيد، رَكَّبُوها مع همزة الاستفهام، واستعملوا مجموعهما على وجهين: أحدهما: أن يراد به


(١) "المفهم" ١/ ١٩٣ بزيادة من "شرح النووي" ١/ ٢١٤.
(٢) "الفتح" ٨/ ٦٤٤.