للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الوضوء، كما أمره اللَّه، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ويمسح رأسه، ورجليه إلى الكعبين، ثم يكبر اللَّه، ويَحْمَده، ويُمَجِّده وعند أبي داود: "ويُثْنِي عليه بدل: "ويمجِّده".

وقال صاحب "المرعاة": وفي رواية الطبرانيّ لحديث رفاعة: "ثم يقول: اللَّه أكبر"، وهي تبيّن أن المراد من التكبير خصوص هذا اللفظ، فلا يصحّ افتتاح الصلاة إلَّا بلفظ "اللَّه أكبر"، دون غيره من الأذكار، خلافًا لأبي حنيفة، فإنه يقول: يجزئ بكلّ لفظ يدلّ على التعظيم، وهذا نظرٌ منه إلى المعنى، وأن المقصود التعظيم، فيحصل بكلّ ما دلّ عليه، والحقّ ما ذهب إليه مالك، وأحمد، من تعيّن التكبير، وتخصيص لفظ "اللَّه أكبر".

قال ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ظاهر الحديث يعيِّن التكبير، ويتأيّد ذلك بأن العبادات محلّ التعبّدات، ويكثر ذلك فيها، فالاحتياط فيها اتّباع اللفظ.

وأيضًا فالخصوص قد يكون مطلوبًا، أعني خصوص التعظيم بلفظ "اللَّه أكبر"، وهذا لأن رُتَب هذه الأذكار مختلفة كما تدلّ عليه الأحاديث، فقد لا يتأدّى برتبة ما يُقصد من أخري، ونظيره الركوع، فإنا نفهم أن المقصود منه التعظيم بالخضوع، ولو أقام مقامه خضوعًا آخر -أي ولو كان سجودًا- لَمْ يجزه، ويتأيّد هذا باستمرار العمل من الأمة على الدخول في الصلاة بلفظ: "اللَّه أكبر" (١)، واللَّه تعالى أعلم.

(ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ) قال في "الفتح": لَمْ تَختلف الروايات في هذا عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، وأما رفاعة ففي رواية إسحاق بن أبي طلحة: "ويقرأ ما تيسر من القرآن، مما علّمه اللَّه وفي رواية يحيى بن عليّ: "فإن كان معك قرآن فأقرأ، وإلا فاحمد اللَّه، وكبّره، وهلله"، وفي رواية محمد بن عمرو، عند أبي داود: "ثم اقرأ بأمّ القرآن، أو بما شاء اللَّه ولأحمد وابن حبّان من هذا الوجه: "ثم اقرأ بأم القرآن، ثم اقرأ بما شئت"، ترجم له ابن حبان بـ "بابُ فرض المصلي قراءة فاتحة الكتاب في كل ركعة" (٢).


(١) راجع: "مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ٣/ ٥.
(٢) "الفتح" ٢/ ٣٢٥.