قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيَّن بمجموع هذه الروايات أن معنى قوله هنا: "ما تيسّر" هي الفاتحة؛ لأن الرواية يُفسّر بعضها بعضًا، فلا مُتمسّك لمن استدلّ به على عدم فرضيّة قراءة الفاتحة؛ فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
(ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا) حال مؤكّدة، وقيل: مقيّدة، وفي رواية أحمد المذكورة:"فإذا ركعت، فاجعل راحتيك على ركبتيك، وامدُد ظهرك، وتمكَّن لركوعك"، وفي رواية إسحاق بن أبي طلحة:"ثم يكبر، فيركع حتى تطمئن مفاصله، ويَسترخي".
(ثُمَّ ارْفَعْ) أي رأسك من الركوع (حَتَّى تَعْتَدِلَ) أي تستوي (قَائِمًا) وفي رواية ابن نمير عند ابن ماجه: "حتى تطمئنّ قائمًا"، رواها ابن أبي شيبة عنه، وقد ساق المصنّف إسنادها بعد هذا، ولكن لَمْ يسق لفظها، فهو على شرطه، وكذا أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" عن أبي أُسامة، وهو في "مستخرج أبي نُعيم" من طريقه، وكذا أخرجه السرّاج عن يوسف بن موسي، أحد شيوخ البخاريّ عن أبي أسامة.
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بعد ذكر ما تقدّم: فثبت ذكر الطُّمانينة في الاعتدال على شرط الشيخين، ومثله في حديث رفاعة عند أحمد، وابن حبّان، وفي لفظ لأحمد:"فأقم صلبك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها"، وعُرِف بهذا أن قول إمام الحرمين:"في القلب من إيجابها -أي الطُّمأنينة في الرفع من الركوع- شيءٌ؛ لأنَّها لَمْ تذكر في حديث المسيء صلاته" دالّ على أنه لَمْ يَقِفْ على هذه الطرق الصحيحة. انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).
(ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا) وفي رواية إسحاق بن أبي طلحة: "ثم يكبر، فيسجد حتى يمكِّن وجهه، أو جبهته حتى تطمئن مفاصله وتسترخي".
(ثُمَّ ارْفَعْ) أي رأسك من السجود (حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا) أي بعد السجدة الأولى، وهي حال مؤسِّسة، وفي رواية إسحاق المذكورة:"ثم يكبر، فيركع حتى يستوي قاعدًا على مقعدته، ويُقيم صُلْبه"، وفي رواية محمد بن عمرو: