الأحاديث فيه، ثم رواه بأسانيده المتعددة عن عمر بن الخطاب، وعليّ بن أبي طالب، وعبد اللَّه بن مسعود، وأُبَيِّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وابن عباس، وأبي الدرداء، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد اللَّه، وأبي سعيد الخدريّ، وعبادة بن الصامت، وأبي هريرة، وهشام بن عامر، وعمران، وعبد اللَّه بن مُغَفَّل، وعائشة -رضي اللَّه عنهم-، قال: ورويناه عن جماعة من التابعين، فرواه عن عروة بن الزبير، ومكحول، والشعبيّ، وسعيد بن جبير، والحسن البصريّ رحمهم اللَّه.
واحتج الجمهور في إيجاب القراءة خلف الإمام بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأمّ القرآن"، متّفقٌ عليه، فإنه عامّ في كل مصلّ، ولم يثبت تخصيصه بغير المأموم بمخَصِّص صريح، فبقي على عمومه.
وبحديث عبادة بن الصامت -رضي اللَّه عنه- أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قرأ في صلاة الصبح، فثقلت عليه القراءة، فلما فرغ قال:"لعلكم تقرأون وراء إمامكم؟ "، قلنا: نعم هَذًّا يا رسول اللَّه، قال:"لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها"، رواه أبو داود، والترمذيّ، والدارقطنيّ، والبيهقيّ، وغيرهم، قال الترمذيّ: حديث حسنٌ، وقال الدارقطنيّ: إسناده حسن، وقال الخطابيّ: إسناده جيّد، لا مطعن فيه.
[فإن قيل]: هذا الحديث من رواية محمد بن إسحاق بن يسار، عن مكحول، ومحمد بن إسحاق مدلّس، والمدلِّس إذا قال في روايته:"عن" لا يُحتجّ به عند جميع المحدثين.
[فجوابه]: أن الدارقطنيّ، والبيهقيّ روياه بإسنادهما، عن ابن إسحاق، قال: حدَّثني مكحول بهذا، فذكره، قال الدارقطنيّ في إسناده: هذا إسناد حسنٌ.
وقد عُلِم من قاعدة المحدثين، أن المدلس إذا رَوَى حديثه من طريقين، قال في إحداهما:"عن"، وفي الأخرى:"حدَّثني"، أو "أخبرني" كان الطريقان صحيحين، وحُكِم باتصال الحديث، وقد حصل ذلك هنا.
ورواه أبو داود من طُرُق، وكذلك الدارقطنيّ، والبيهقيّ، وفي بعضها: صلى بنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعض الصلاة التي يُجهَر فيها بالقراءة، فقال:"لا يقرأنّ أحد منكم إذا جهرت بالقراءة، إلا بأم القرآن"، قال البيهقي عقب هذه الرواية: