كلّهم تقدّموا في الباب الماضي، إلا أنسًا -رضي اللَّه عنه-، فتقدّم قبل أبواب.
لطائف هذا الإسناد:
١ - (منها): أنه من خماسيّات المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
٢ - (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الجماعة.
٣ - (ومنها): أنه مسلسل بالبصريين.
٤ - (ومنها): أن شيخيه من التسعة الذين روى عنهم أصحاب الأصول بلا واسطة، وكلاهما بصريّان، وماتا في عام واحد سنة (٢٥٢)، وكانا كفرسي رهان.
٥ - (ومنها): أن أنسًا -رضي اللَّه عنه- ذو مناقب جمّة، فهو الخادم الشهير، خدم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عشر سنين، وأحد المكثرين السبعة، روى (٢٢٨٦) حديثًا، وهو آخر من مات من الصحابة بالبصرة، وكان من المعمّرين، فقد عاش أكثر من مائة سنة، واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ أَنَسٍ) -رضي اللَّه عنه- أنه (قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأ) وقولُه: ({بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}) منصوب على المفعوليّة لـ "يقرأ" محكيّ.
قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: استَدَلَّ بهذا الحديث من لا يرى البسملة من الفاتحة، ومن يراها منها، ويقول: لا يَجهر، ومذهب الشافعي -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وطوائف من السلف والخلف، أن البسملة آية من الفاتحة، وأنه يُجهَر بها حيث يُجهَر بالفاتحة، واعتمد أصحابنا، ومن قال بأنها آية من الفاتحة أنها كتبت في المصحف بخط المصحف، وكان هذا باتفاق الصحابة، وإجماعهم على أن لا يثبتوا فيه بخط القرآن غير القرآن، وأجمع بعدهم المسلمون كلهم في كل الأعصار إلى يومنا، وأجمعوا أنها ليست في أول براءة، وأنها لا تكتب فيها، وهذا يؤكد ما قلناه. انتهى، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.