للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و"شَتَّانَ" اسم عَلَمٌ للتفرُّق، قال: وقد جاء في الشعر "سبحانٌ" منونةً نكرةً، قال أمية [من البسيط]:

سُبْحَانَهُ ثُمَّ سُبْحَانًا يَعُودُ لَهُ … وَقَبْلَنَا سَبَّحَ الْجُودِيُّ وَالْجَمَدُ

وقال ابن جني: "سبحان" اسمٌ علَمٌ لمعنى البراءة والتنزيه، بمنزلة "عثمان"، و"عِمران"، اجتمع في "سبحان" التعريف والألف والنون، وكلاهما علة تمنع من الصرف. انتهى المقصود من "اللسان" باختصار (١).

(اللَّهُمَّ) أصله "يا أللَّه"، حذفت منه حرف النداء، وعُوّض عنها "أل"، ولا يُجمع بينهما إلا في الشعر، كما قال في "الخلاصة":

وَبِاضْطِرَارٍ خُصَّ جَمْعُ "يَا" وَ"أَلْ" … إِلَّا مَعَ "اللَّه" وَمَحْكِيِّ الْجُمَلْ

وَالأَكْثَرُ "اللَّهُمَّ" بِالتَّعْوِيضِ … وَشَذَّ "يَا اللَّهُمَّ" فِي قَرِيضِ

(وَبِحَمْدِكَ) قيل: الواو للحال، والتقدير: ونحن متلبسون بحمدك، وقيل: زائدة، والجارّ والمجرور حال؛ أي متلبّسين بحمدك، أفاده السنديّ.

وقال القاري -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الباء للملابسة، والواو زائدة، وقيل: الواو بمعنى "مع"؛ أي أُسبّحك مع التلبّس بحمدك، وحاصله نفي الصفات السلبيّة، وإثبات النعوت الثبوتيّة، أو بحمدك سبّحتك؛ أي اعتقدت نزاهتك، حال كوني متلبّسًا بالثناء عليك، أو بسبب ثناء الجميل عليك اعتقدت نزاهتك، ويصحّ أن يكون صفةً لمصدر محذوف، كقوله تعالى: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} [البقرة: ٣٠]؛ أي أسبّحك تسبيحًا مقيّدًا بشكرك؛ إذ كلُّ حمد من المكلّف يستجلب نعمةً متجدّدة، ويستصحب توفيقًا إلهيًّا.

كما قال الشاعر [من الطويل]:

إِذَا كَانَ شُكْرِي نِعْمَةَ اللَّهِ نِعْمَةً … عَلَيَّ لَهُ فِي مِثْلِهَا يَجِبُ الشُّكْرُ

فَكَيْفَ بُلُوغُ الشُّكْرِ إِلَّا بِفَضْلِهِ … وَإِنْ طَالَتِ الأَيَّامُ وَاتَّسَعَ الْعُمْرُ

فَإِنْ مَسَّ بِالنَّعْمَاءِ عَمَّ سُرُورُهَا … وَإِنْ مَسَّ بالضَّرَّاءِ عَقَّبَهَا الأَجْرُ

وقال الخطّابيّ: أخبرني ابن خلّاد، قال: سأَلت الزجّاج عن الواو في قوله: "وبحمدك"، فقال: معناه: سبحانك اللَّهمّ، وبحمدك سبّحتك.


(١) راجع: "لسان العرب" ٢/ ٤٧١.