للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مُعَرَّفٌ بَعْدَ إِشَارَةٍ بِـ "أَلْ" … يُعْرَبُ نَعْتًا أَوْ بَيَانًا أَوْ بَدَلْ

ثم بيّن المشار إليه بقوله: (يَقُولُ: "سُبْحَانَكَ) قال الأزهريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه: أُسبّحك؛ أي أنزّهك عما يقول الظالمون فيك، و"سُبحان" مصدر أريد به الفعل. انتهى.

وقال في "اللسان": "التسبيح": التنزيه، و"سبحان اللَّه": معناه تنزيهًا للَّه من الصاحبة والولد، وقيل: تنزيه اللَّه تعالى عن كلّ ما لا ينبغي له أن يوسف به، ونصبه أنه في موضع فعل على معنى تسبيحًا له، تقول: سبَّحتُ اللَّه تسبيحًا له؛ أي نَزّهته تنزيهًا.

وقال الزجاج في قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الإسراء: ١] قال: منصوب على المصدر، والمعنى: أُسَبِّح اللَّه تسبيحًا، قال: و"سبحان" في اللغة تنزيه اللَّه عز وجل عن السوء، قال ابن شُمَيل: رأيت في المنام كأنّ إنسانًا فَسّر لي "سبحان اللَّه فقال: أما ترى الفرس يَسْبَحُ في سرعته؟ وقال: "سبحان اللَّه": السرعة إليه، والخفة في طاعته، وجماع معناه: بُعْدُهُ تبارك وتعالى عن أن يكون له مِثْلٌ، أو شريكٌ، أو نِدٌّ، أو ضِدٌّ، قال سيبويه: زعم أبو الخطاب أن "سبحان اللَّه" كقولك: براءةَ اللَّه؛ أي أُبَرِّئ اللَّه من السوء براءةً.

وقيل: قوله: "سبحانك" أي أُنَزِّهُك يا رب من كلّ سوء، وأُبَرِّئك.

ورَوى الأزهريّ بإسناده أن ابن الكَوَّاء سأل عليًّا -رضوان اللَّه تعالى عليه- عن "سبحان اللَّه فقال: كلمة رضيها اللَّه لنفسه، فأوصى بها، والعرب تقول: سبحان من كذا: إذا تعجبت منه، وزعم أن قول الأعشى في معنى البراءة أيضًا:

أَقُولُ لَمَّا جَاءَنِي فَخْرُهُ … سُبْحَانَ مِنْ عَلْقَمَةَ الْفَاخِرِ

أي براءةً منه، وكذلك تسبيحه تبعيده.

وبهذا استُدِلّ على أن "سبحان" معرفة؛ إذ لو كان نكرةً لانصرف، ومعنى هذا البيت أيضًا: العَجَبُ منه؛ إذ يفخر، قال: وإنما لم يُنَوَّن؛ لأنه معرفة، وفيه شِبْهُ التأنيث، وقال ابن بَرِّيّ: إنما امتنع صرفه؛ للتعريف وزيادة الألف والنون، وتعريفه كونه اسمًا علمًا للبراءة، كما أن "نَزَالِ" اسمٌ عَلَمٌ للنزول،