للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"بينا" إذا صلح في موضعه "بين"، ويُنشد قول أبي ذُؤيب بالكسر [من الكامل]:

بَيْنَا تَعَنُّقِهِ الْكُمَاةَ وَرَوْغِهِ … يَوْمًا أُتِيحَ لَهُ جَرِيءٌ سَلْفَعُ

وغيره يرفع ما بعد "بينا"، و"بينما" على الابتداء والخبر. انتهى كلام الجوهريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

وقد تقدّم البحث في "بينا" و"بينما" مستوفًى غير مرّة، وباللَّه تعالى التوفيق.

(ذَاتَ يَوْمٍ) "ذات" مقحمةٌ، أي يومًا من الأيّام، وقال الزمخشريّ: هو من إضافة المسمّى إلى الاسم (بَيْنَ أَظْهُرِنَا) أي بيننا، وفي رواية عليّ بن حجر: "بين أظهرنا في المسجد"، يقال: هو نازلٌ بين ظهرَيْهم، وبين ظهرانيهم، وبين أظهُرهم: أي بينهم، قال ابن الأثير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "فأقاموا بين ظهرانيهم، وبين أظهرهم"، قد تكررت هذه اللفظة في الحديث، والمراد أنهم أقاموا بينهم، على سبيل الاستظهار، والاستناد إليهم، وزيدت فيه ألف ونون مفتوحة تأكيدًا، ومعناه أن ظهرًا منهم قُدّامهُ، وظهرًا منهم وراءه، فهو مكنوف من جانبيه، ومن جوانبه إذا قيل: بين أظهرهم، ثم كَثُرَ حتى استُعْمِل في الإقامة بين القوم مطلقًا. انتهى كلام ابن الأثير (٢).

(إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً) أي نام نَوْمةً خفيفةً، يقال: أغفيتُ إغفاءً، فأنا مُغْفٍ: إذا نِمْتَ نومةً خفيفة، قال ابن السكّيت وغيره: ولا يقال: غَفَوتُ، وقال الأزهريّ: كلام العرب أغفيتُ، وقَلَّما غَفَوتُ، قاله الفيّوميّ (٣).

(ثُمَّ رَفَع رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا) أي حال كونه ضاحكًا قليلًا، يقال: بَسَمَ بَسْمًا، من باب ضَرَبَ: ضَحِكَ قليلًا من غير صوت، وابتسم، وتبسّم كذلك، ويقال: هو دون الضحك، قاله الفيّوميّ (٤).

(فَقُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟) أي: أيّ شيء جعلك ضاحكًا؟ (قَالَ: "أُنْزِلَتْ) بالبناء للمفعول، وفي نسخة: "نَزَلَتْ"، (عَلَى آنِفًا) أي قريبًا، وهو بالمدّ، ويجوز القصر في لغة قليلة، وقد قرئ به في السبع (٥)، وقال في


(١) "الصحاح" ٥/ ١٦٨٣.
(٢) "النهاية" ٣/ ١٦٦.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٤٥٠.
(٤) "المصباح المنير" ١/ ٤٩.
(٥) "شرح النوويّ" ٤/ ١١٣.