"اللسان": وقال الزجاج في قوله تعالى: {مَاذَا قَالَ آنِفًا}[محمد: ١٦]: معنى {آنِفًا} من قولك: استأنف الشيءَ إذا ابتدأه، وقال ابن الأعرابيّ:{مَاذَا قَالَ آنِفًا}: أي مُذْ ساعة. انتهى (١). (سُورَةٌ) بالرفع على أنه نائب فاعل "أُنزلت"(فَقَرَأَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (بِسْم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١)}) قال أبو عبد اللَّه القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قراءة العامّة: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ} بالعين، وقرأ الحسن وطلحة بن مُصَرِّف:"أنطيناك" بالنون، وروته أم سلمة عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهي لغة في العطاء، أنطيته: أعطيته.
والكوثر: فَوْعَلٌ من الكثرة، مثلُ النَّوْفَل، والْجَوْهَر، من الجهر، والعرب تسمّي كلّ شيء كثير في العدد والقدر والخطَر كَوْثَرًا، قال سفيان: قيل لعجوز رجع ابنها من السفر: بم آب ابنك؟ قالت: بكوثر، أي بمال كثير، والكوثر من الرجال: السيد الكثيرُ الخيرِ، قال الْكُمَيت [من الطويل]:
({فَصَلِّ لِرَبِّكَ}) أي كما أعطيناك الخير الكثير في الدنيا والآخرة، ومن ذلك النهر الذي وُعِدته، فأخلص لربّك صلاتك المكتوبة والنافلة، ({وَانْحَرْ}) أي اذبَحْ نُسُكك، قال ابن عبّاس، وعطاء، ومجاهد، وعكرمة، والحسن: يعني بذلك نحر البُدن ونحوها، وكذا قال غير واحد من السلف، وهذا بخلاف ما كان عليه المشركون من السجود لغير اللَّه، والذبح على غير اسمه، وقيل: المراد وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى تحت النحر، يُروَى هذا عن عليّ -رضي اللَّه عنه-، ولا يصحّ، وعن الشعبيّ مثله، وعن أبي جعفر الباقر، يعني رفع اليدين عند افتتاح الصلاة، وقيل: استقبل بنحرك القبلة، وعن عطاء الخراسانيّ: ارفع صُلْبك بعد الركوع، واعتَدِلْ، وأبرِز نحرك -يعني به الاعتدال-.