للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُؤَيِّدُ تأخير النُّزول ما ثبت من استغفاره - صلى الله عليه وسلم - للمنافقين حتى نَزَل النهي عن ذلك، فإن ذلك يقتضي تأخير النُّزُول، وإن تقدَّم السبب، ويشير إلى ذلك أيضًا قوله في هذا الحديث: وأنزل الله في أبي طالب: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} الآية [القصص: ٥٦]؛ لأنه يُشعِر بأن الآية الأولى نزلت في أبي طالب وفي غيره، والثانية نزلت فيه وحده. ويؤيد تَعَدُّد السبب ما أخرجه أحمد من طريق أبي إسحاق، عن أبي الخليل، عن عليّ - رضي الله عنه - قال: سمعت رجلًا يَستَغفِر لوالديه، وهما مشركان، فذكرت ذلك للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ … } الآية [التوبة: ١١٣].

وروى الطبريّ من طريق ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد، قال: وقال المؤمنون: ألا نستغفر لآبائنا، كما استغفر إبراهيم لأبيه، فنَزَلت، ومن طريق قتادة قال: ذكرنا له أن رجالًا، فذكر نحوه. انتهى ما في "الفتح" (١)، وهو بحثٌ نفيسٌ، وتحقيقٌ أنيسٌ.

وحاصله أن يُحْمَل على تعدد السبب، وتأخر نزول الآية، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبسندنا المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله تعالى أول الكتاب قال:

[١٤٠] ( … ) - (وحَدَّثَنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. (ح) وحَدَّثنا حَسَن الْحُلْوَانِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا: حَدَّثنَا يَعْقُوبُ - وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ - قَالَ: حَدَّثَني أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّ حَدِيثَ صَالِحٍ انْتَهَى عِنْدَ قَوْلِهِ: فَأنزَلَ اللهُ عز وجل فِيه، وَلَمْ يَذْكُرْ الْآيتَيْن، وَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: وَيَعُودَانِ فِي تِلْكَ الْمَقَالَة، وَفي حَدِيثِ مَعْمَرٍ مَكَانَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ: فَلَمْ يَزَالَا بِهِ).

رجال هذا الإسناد: تسعة:

١ - (إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) بن مَخْلَد الْحَنْظلي، أبو محمد بن راهويه المروزيّ، ثقة حافظ مجتهد [١٠]، (ت ٢٣٨) (خ م د ت س) ٤/ ٢٨.


(١) راجع: "الفتح" ٨/ ٦٤٥.