للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الملائكة وللسراج: "فنَعُدّ من الملائكة ما شاء اللَّه" (فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) وفي رواية البخاريّ: "فالتفت إلينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال وفي لفظ: "فسمعه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: قولوا".

وظاهر هذا أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كلّمهم بذلك في أثناء الصلاة، لكن بَيَّنَ حفصُ بن غياث في روايته عن الأعمش عند البخاريّ المحلَّ الذي خاطبهم بذلك فيه، وأنه بعد الفراغ من الصلاة، ولفظه: "فلما انصرف النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أقبل علينا بوجهه وفي رواية أيضًا: "فلما انصرف من الصلاة قال"، فتبيّن بهذا أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- خاطبهم بذلك بعد فراغه من الصلاة، لا في أثنائها، أفاده في "الفتح" (١)، واللَّه تعالى أعلم.

(ذَاتَ يَوْمٍ) أي يومًا من الأيّام، وتقدّم الكلام على "ذات" قريبًا ("إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ) وفي رواية للبخاريّ: "لا تقولوا: السلام على اللَّه، فإن اللَّه هو السلام".

قال البيضاويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ما حاصله: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنكر التسليم على اللَّه، وبَيَّن أن ذلك عكس ما يجب أن يقال، فإن كل سلام ورحمة له ومنه، وهو مالكها ومعطيها.

وقال التُّورِبشتيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وجه النهي عن السلام على اللَّه؛ لأنه المرجوع إليه بالمسائل، المتعالي عن المعاني المذكورة، فكيف يُدْعَى له، وهو المدعُوّ على الحالات؟.

وقال الخطابيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: المراد أن اللَّه هو ذو السلام، فلا تقولوا: السلام على اللَّه؛ فإن السلام منه بدأ، وإليه يعود، ومرجع الأمر في إضافته إليه أنه ذو السلام من كل آفة وعيب، ويَحْتَمِل أن يكون مرجعها إلى حظّ العبد فيما يطلبه من السلامة من الآفات والمهالك.

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه أن السلام اسم من أسماء اللَّه تعالى، يعني السالم من النقائص، ويقال: الْمُسَلِّم أولياءه، وقيل: المسلِّم عليهم، قال ابن الأنباريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-؛ أمرهم أن يصرفوه إلى الخلق؛ لحاجتهم إلى السلامة، وغناه سبحانه وتعالى


(١) راجع: "الفتح" ٢/ ٣٦٣ - ٣٦٤.