للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عنها، ذكره في "الفتح" (١).

وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كانوا يسلّمون على اللَّه تعالى أوّلًا، ثم على أشخاص معيّنين من الملائكة والناس، وأنكر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يُسلّموا على اللَّه، وبَيَّنَ لهم أن ذلك عكسُ ما يَجِب أن يقال، فإن كلّ سلامة ورحمة له ومنه، فهو مالكها ومُعطيها، فكيف يجوز أن يقال: السلام على اللَّه؛ وأعلمهم أن الدعاء للمؤمنين ينبغي أن يكون شاملًا لهم، وعلّمهم ما يعمّهم، وأمرهم بإفراد صلوات اللَّه عليه بالذكر؛ لشرفه، ومزيد حقّه عليهم، وتخصيص أنفسهم، فإن الاهتمام بها أهمّ. انتهى كلام الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

(فَإِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ) هذه الرواية تُبَيّن المراد في روايةٍ للبخاريّ: "فإذا صلى أحدكم فليقل" أي في حال قعوده، وللنسائي من طريق أبي الأحوص، عن عبد اللَّه: "كنا لا ندري ما نقول في كل ركعتين، وأن محمدًا عُلِّم فواتح الخير وخواتمه، فقال: إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا. . ."، وله من طريق الأسود، عن عبد اللَّه: "فقولوا في كل جلسة"، ولابن خزيمة من وجه آخر، عن الأسود، عن عبد اللَّه: "علّمني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- التشهد في وسط الصلاة، وفي آخرها"، وزاد الطحاويّ من هذا الوجه في أوله: "وأخذت التشهد من في رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولَقَّننيه كلمة كلمة"، وفي رواية أبي معمر، عن ابن مسعود الآتية بعد ثلاثة أحاديث: "عَلَّمني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- التشهد، وكفّي بين كفيه، كما يعلمني السورة من القرآن".

(فَلْيَقُل) فيه أن التشهّد واجب، وبه يقول أحمد، وهو الحقّ، وسيأتي بيان الخلاف فيه في المسألة الرابعة -إن شاء اللَّه تعالى-.

(التَّحِيَّاتُ للَّهِ) جملة من مبتدأ وخبره، في محلّ نصب مقول القول.

و"التحيّات": جمع تَحِيّة، ومعناها: السلام، وقيل: البقاء، وقيل: العظمة، وقيل: السلامة من الآفات والنقص، وقيل: المُلك.

وقال أبو سعيد الضرير: ليست التحية المُلك نفسه، لكنها الكلام الذي


(١) "الفتح" ٢/ ٣٦٤.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٣/ ١٠٣٢.