الياء قد تُثَقَّلُ وحدها لامًا، فماذا كان قبلها ياءٌ كان أثقل لها، وقال أبو عبيد: والتحية في غير هذا: السلامُ، وقال الأزهريّ: قال الليث في قولهم في الحديث: التحيات للَّه، قال: معناه: البقاء للَّه، ويقال: الملك للَّه، وقيل: أراد بها السلام، يقال: حيّاك اللَّه: أي سَلَّم عليك، والتحية تَفْعِلة من الحياة، وإنما أدغمت؛ لاجتماع الأمثال، والهاء لازمة لها، والتاء زائدة، وقولهم: حيّاك اللَّه وبَيّاك، اعْتَمَدَك بالملك، وقيل: أضحكك، وقال الفراء: حيّاك اللَّه: أبقاك اللَّه، وحيّاك اللَّه: أي مَلَّكك اللَّه، وحيّاك اللَّه: أي سلَّم عليك، قال: وقولنا في التشهد: التحيات للَّه، يُنْوَى بها البقاء للَّه، والسلام من الآفات، والملك للَّه، ونحو ذلك، وقال أبو عمرو: التحية المُلك، وأنشد قول عمرو بن معد يكرب [من الوافر]:
يعني على ملكه، وقال خالد بن يزيد: لو كانت التحية الملك لَمَا قيل: التحيات للَّه، والمعنى السلامات من الآفات كلِّها، وجَمَعَها لأنه أراد السلامة من كل آفة، ورُوي عن أبي الهيثم أنه يقول: التحية في كلام العرب ما يُحَيِّي بعضهم بعضًا إذا تلاقَوْا، قال: وتحية اللَّه التي جعلها في الدنيا والآخرة لمؤمني عباده إذا تلاقَوا، ودعا بعضهم لبعض بأجمع الدعاء أن يقملوا: السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته، قال اللَّه عز وجل:{تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ} الآية [الأحزاب: ٤٤]، وقال في تحية الدنيا:{وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} الآية [النساء: ٨٦]، وقيل في قوله:
قَدْ نِلْتُهُ إِلَّا التَّحِيَّهْ
يريد إلا السلامة من الْمَنِيَّة والآفات، فإن أحدًا لا يَسْلَم من الموت على طول البقاء، فَجَعَل معنى "التحياتُ للَّه": أي السلام له من جميع الآفات التي تَلْحَق العباد من الْعَنَاء، وسائر أسباب الفناء.
قال الأزهريّ: وهذا الذي قاله أبو الهيثم حسنٌ، ودلائله واضحةٌ، غير أن التحية، وإن كانت في الأصل سلامًا، كما قال خالد، فجائزٌ أن يُسَمَّى الْمُلْك في الدنيا تحيةً، كما قال الفراء وأبو عمرو؛ لأن المَلِك يحيّا بتحية الْمُلْك المعروفة للملوك التي يباينون فيها غيرهم، وكانت تحية ملوك المعجم