قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا أيضًا فيه نظرٌ، إلا إذا كان المراد: لم يقو قوّته في كونه أكثر طرقًا، ونحو ذلك، واللَّه تعالى أعلم.
وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أشدّها صحةً باتفاق المحدثين حديث ابن مسعود، ثم حديث ابن عباس.
وقال البزار: أصحّ حديث في التشهد حديث ابن مسعود، ورُوي عنه عن نيّف وعشرين طريقًا، ثم سَرَد أكثرَها، قال: ولا أعلم في التشهد أثبت منه، ولا أصح أسانيد، ولا أشهر رجالًا.
والطحاوي لما أخرج حديث ابن مسعود في كتابه "شرح معاني الآثار" من اثني عشر طريقًا، وسَرَد الجميع، قال في آخر الباب: فلهذا الذي ذكرنا استحسَنّا ما رُوي عن عبد اللَّه بتشديده في ذلك، ولإجماعهم عليه؛ إذ كانوا قد اتفقوا على أنه لا ينبغي أن يتشهد إلا بخاصّ من التشهد، يعني أن كلهم اتفقوا على أن التشهد لا يكون إلا بألفاظ مخصوصة، ولا يكون بأيّ لفظ كان، فإذا كان كذلك فالمتفق عليه أولى من المختلف فيه، فصار كونه متفقًا عليه دون غيره من مرجحاته؛ لأن الرواة عنه من الثقات لم يختلفوا في ألفاظه، بخلاف غيره.
وأنّ ابن مسعود تلقاه عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تلقّيًا، فرَوَى الطحاوي من طريق الأسود بن يزيد، عنه قال: أخذت التشهد من في رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولقننيه كلمة كلمة، وفي رواية أبي معمر، عنه: علَّمني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- التشهد، وكفِّي بين كفيه.
ومن المرجحات أيضًا: ثبوت الواو في "الصلوات"، و"الطيبات"، وهي تقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه، فتكون كل جملة ثناءً مستقلًّا، بخلاف ما إذا حذفت، فإنها تكون صفة لما قبلها، وتعدُّد الثناء في الأول صريح، فيكون أولى، ولو قيل: إن الواو مقدرة في الثاني.
ومنها: أنه ورد بصيغة الأمر، بخلاف غيره، فإنه مجرد حكاية.
ومنها: أن في رواية أحمد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- علّمه التشهد، وأمره أن يعلمه الناس، ولم ينقل ذلك لغيره، ففيه دليل على مزيته.
وقال الكرمانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ذهب الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- إلى أن تشهد ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-