للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُفرض علينا التشهّد: السلام على اللَّه قبل عباده. . . " الحديث، رواه النسائيّ بإسناد صحيح، فقد دلّ أنه فُرض بعد أن لم يكن مفروضًا.

والحاصل أن التشهّدين واجبان لا تتمّ الصلاة إلا بهما، إلا أن الأول إذا تُرك سهوًا يُجبر بالسجود؛ لثبوت ذلك عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-، بخلاف الثاني، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): في اختلاف أهل العلم في اختيار ألفاظ التشهّد:

(اعلم): أنه اختَلَفَ الفقهاءُ في المختار من ألفاظ التشهّد، فذهب أبو حنيفة وأحمد رحمهما اللَّه تعالى إلى اختيار تشهّد ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- المذكور في الباب؛ لأنه أصحّ ما روي في التشهّد.

قال الإمام الترمذيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أصح حديث عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في التشهد حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين، ثم أخرج عن معمر، عن خُصيف، قال: رأيت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في المنام، فقلت له: إن الناس قد اختلفوا في التشهد، فقال: عليك بتشهد ابن مسعود.

وأخرج الطبرانيّ في "معجمه" عن بشير بن المهاجر، عن ابن بُريدة، عن أبيه، قال: ما سمعت في التشهد أحسن من حديث ابن مسعود، وذلك أنه رفعه إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: تُعُقّب هذا بأنه لا يصحّ أن يكون مرجّحًا؛ لأن غيره كذلك رفعه إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلا فرق بينه وبين غيره فيه، فتأمل، واللَّه تعالى أعلم.

وقال الخطابيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أصح الروايات وأشهرها رجالًا تشهد ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-.

وقال ابن المنذر، وأبو عليّ الطوسيّ: قد رُوي حديث ابن مسعود من غير وجه، وهو أصح حديث رُوي في التشهد عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقال أبو عمر: بتشهد ابن مسعود أخذ أكثر أهل العلم؛ لثبوت فعله عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقال عليّ ابن المدينيّ: لم يصح في التشهد إلا ما نقله أهل الكوفة عن ابن مسعود، وأهل البصرة عن أبي موسى، وبنحوه قال ابن طاهر.